الأربعاء، 31 ديسمبر 2008

استربتيز سياسي وإعلامي


يا صُهيوني افرحْ هللْ ...... حاكمْ مصروراك بيكمل

شعارٌ ترددَ في إحدى المظاهرات المصريةِ المناصرةِ لغزةَ في محنتها والمنددةِ في الوقتِ ذاته بالموقفِ الرسمي المصري الذي فاقَ حدودَ العمالةِ وبلغَ حدَّ الخيانةِ الصريحةِ الواضحةِ بدءًا من إحكام ِالحصار ِعلى غزةَ وأهلها ومرورًا بالتواطؤ الواضح مع الكيان الصهيوني ضدَّ حركةِ المقاومةِ الإسلاميةِ ،وليس انتهاءً باستقبال بغي بني إسرائيل (تسيفي ليفني) وإفساح المجال ِلها لتتحدثَ بصفاقةٍ لا نظيرَ لها قبل بدء المذبحةِ بثمان وأربعين ساعة ، والحقيقة أن الحفاوة البالغة التي اُسْتُقبِلت بها العاهرةُ الصهيونيةُ في مصرَ والصورةُ التي التقطت لها بصحبة وزير ِالخارجيةِ المصري أبو الغيط وهو يُمسكُ بيدها تؤكدُ أنَّ النِّظامَ المصري كان على علم ٍبالمذبحةِ الإجراميةِ وميعادِها ، كذلك ما صرَّح به الوزيرُ نفسه من أنَّ مصرَ حذرت أكثرَ من مرةٍ من اختراق ِالتهدئةِ من قِبل حماس ، لأنَّ ذلك سوف يؤدي – حسب زعمه - إلى نتائجَ وخيمةٍ كما أضافَ أنَّ عدمَ استجابة حماس لهذه التحذيرات يُحَمِّلُ حماس المسئولية َكاملة ًعما يحدثُ الآن من مجازرَ وحشيةٍ تفوقُ كلَ تصور ٍ، كما انبرتْ العديدُ من الأبواق الحكومية ،لتنعقَ بمبرراتٍ واهيةٍ في محاولةٍ فاشلةٍِ لتجميل أقبح وجه يظهر به نظامُ مبارك الذي يلتمسُ الآن كافة َالسبل ِللخروج من المأزق الذي وضع نفسه فيه ، ولعل هذا يبرر لماذا لم يوجه مبارك إلى الآن أي كلمةٍ للشعب المصري الذي يدينه شخصيًا في ما يحدث من مذابحَ ولماذا يعتمدُ النظامُ المصري في تبرئةِ ساحته على تصريحاتِ المسئولين الصهاينةِ الذين أكدوا أنَّ النظامَ المصري الذي يَمُدهم بالغاز والبترول مجاناً وتربطهم به علاقاتٌ استراتيجية لم يكن على علم ٍبتفاصيل ِالجريمةِ ولا بميعاد بدئها ، وعندما طالبَ سماحة السيد المصريين بالخروج إلى الشوارع بالملايين وفتح المعابربالقوة ِ هاجَ وماجَ الوزير الحقل وارتعدتْ فرائسُه وزمجرَ وردَّ على سماحة السيد أنَّه- أي السيد - يريدُ نشرَ الفوضى في مصرَ كما نشرها في لبنانَ والحقيقة أنَّ أبا قردان لم يَجْسُر أن يصرح باسم سماحة السيد - سيد المقاومين- ولكنَّه عرَّض بالقول ِوهذاأقصى ما يستطيعُ ، لتمارسَ من بعده أبواقُ الدعارةِ الإعلاميةِ هجومًا فاشلاً ومضحكًا على كل أنصار المقاومةِ ورافضي الخنوع ، معلنينَ أنَّ الانكفاءَ أمامَ الصهاينةِ حكمة ٌ، وأنَّ الارتباط معهم بعلاقاتٍ استراتيجية شاذةٍ هو عينُ العقل ِ، وأنَّ الحديثَ عن أي شكل ٍمن أشكال ِالمقاومةِ هو اندفاعٌ طائشٌ لن يجدي شيئًا ، والغريبُ أنَّ هؤلاء الدَّاعرين يروجونَ لدعواهم باستخدام مصطلحاتِ السيادةِ الوطنيةِ وحدودِ مصرَ الآمنة ومصالحها العُليا وأمنِها القومي ، وغير ذلك من الشعارات التي يعلمُ هؤلاء قبل غيرهم أنَّ نظامَ مبارك هو أولُ المفرطين فيها ، ولعلَّ هذه الأصوات الشائهة لا تدركُ أنَّ الوعي الجمعي المصري تخطى مرحلة َتصديق تلكَ الأكاذيب ،بعدَ أنْ طلَّقَ المصريونَ الإعلام الحكومي طلاقاً بائناً ، بل إنَّ غالبيةَ َالمصريين تعتبرُ الإعلامَ الرسمي مصدرًا رئيسًا للأكاذيب ، نحنُ نتفهمُ جيدًا ما يقوم به نظامُ مبارك في أيامه الأخيرة من تخبطٍ وعشوائيةٍ تؤدي دائمًا إلى افتضاح أمره ،كما نتفهم جيدًا أنَّ محاولات ِتجميل ِالقبح البادي على وجهِ النظام العتيق غيرُ ناجحةٍ ومضحكةٍ في آن ، ما لا يمكن أن نتفهمه أن يقومَ نفرٌ ممن يمتهنون مهنة الإعلام ، كانوا قد كونوا رصيدًا من المصداقية لدى المصريين بدور المحلل(التيس المستعار) في العلاقة غير الشريفةِ بين نظام مبارك والكيان الصهيوني ،ولا يجدون سبيلاً إلى ذلك سوى استهدافِ المقاومة ، والمتاجرةِ بدماءِ الأبرياءِ ، فيما لا يُمكنُ تسميته بأقل من عنوان هذا المقال ، حقًا هذه هي الدعارة الإعلامية الحقيقية ، ويجب على هؤلاء إنْ يعلموا جيدًا أنَّ مُحَاوَلاتِهم لا تنطلي على أحدٍ مهما بالغوا في هذا الاستربتيز عبرَ برامجهم المهجورةِ .

الخميس، 11 ديسمبر 2008

فضيلة الموظف الأكبر


لا أستسيغ أبدًا هذه الحملةًَََََََ َالشرسةًًًًًَََ َالتي يشنها بعضُ الموتورين على مولانا فضيلة الموظف الأكبر بالمؤسسة المسماة بالأزهر ، وأكبرُ من استيائي دهشتي ممن طالبَ الرئيس َبإقالة الدكتور الموظف ، وعلى حد علمي أنَّ الرئيس هو من عين الشيخ َالموظفَ بالأمر المباشر ، وليس فيما حدث من مصافحة بين الشيخ ( أعني كبير السن ) وبين رئيس دولة الكيان الصهيوني ،أدنى غضاضة ٍفكلاهما متفقٌ في الكثير من الرؤى بخصوص العديدِ من القضايا الإقليمية والدولية ، و كان الموظفُ الأكبرُ قد التقى منذ سنوات بمقر المشيخة ( مكان يتجمع فيه عدد من كبار السن ) بوفد من حاخامات الكيان الصهيوني ،وقد جرى اللقاءُ وسط َأجواءٍ من الود والألفة ، والطريفُ في الأمر أن الدكتور الذي كان موضوعُ رسالته للدكتوراه حول بني إسرائيل في القرآن ، كان قد تبرأ من الفعل الفاضح (أقصد فعل المصافحة ) زاعمًا أنه لم يتعرف على شخص الرئيس الصهيوني ،وربما ظنه أحد العاملين في خدمة ضيوف المؤتمر ،فأراد أن يصافحه من باب تأليف القلوب ،ونحن – جميعا- نعلم أنَّه عمل من الأعمال التي تستوجبُ الثوابَ الكبيرَ ، ورغم ما زعمته صحيفة ( معاريف ) من أنَّ مولانا هو الذي سعى لمصافحة السفاح ،وأنهما تبادلا حديثـًا وديًا استمر لعدة دقائق ، إلا أنَّ هذا الزعم لا ينفي عدم معرفة الشيخ بالرئيس ، أما الحديثُ فربما كان عن مستوى الخدمة في المؤتمر ، وأنواع الطعام والشراب المقدم ،وعن خلوه من الكحول من عدمه ، إذن هناك عدة وجوهٍ يمكن أن نفسرَ بها واقعة َالمصافحة ، فلماذا يأخذها المتحاملون على المحمل السيئ ؟ متناسينَ تاريخ َالموظفِ الأكبرِ ودوره النضالي في دعم المقاومة الفلسطينية ، حين وصف رجالَ العمليات الاستشهادية بالمنتحرين ، ثم لماذا لم يراع هؤلاء تقدم الرجل في السن ،وضعف بصره ،وعدم وفاء مخصصاته المالية من قبل الدولة بالقدرة على عمل كشف طبي على عينيه الجميلتين ،ناهيك عن عمل نظارة ٍذات إطار أنيق وبراق ،حتى يتسنى له بعد ذلك أن يميزَ بين حكام دولة الكيان الصهيوني ،وموظفي الاستقبال في فنادق الدرجة الأولى الممتازة ، ولا شك أنَّ هذه الحملة الشرسة من شأنها أن تفت في عضد شيخنا وتثنيه عن مواصلة سعيه الحثيث نحو تقريب وجهات النظر بين الليكود وكاديما من أجل دفع عملية السلام للوصول إلى الهدف المنشود ألا وهو تحرير الجندي شاليط من قبضة خاطفيه الآثمين ، وهو الهدف الأسمى الذي وضعته الإدارةُ المصرية ُعلى رأس أولوياتها – حسب إحدى تصريحات الرئيس- فلماذا يقف المشككون – دائما – حجرَ عثرةٍ أمامَ أصحابِ الجهودِ المخلصةِ في طريقهم لبلوغ الغايات النبيلة ؟ لذلك فقد جاء تصريحُ سيادته عن من هاجموه بسبب فعلته هذه ( أنهم مجانين ) متسقـًا تمامًا مع ما عودنا عليه الرجل من احترام مخالفيه في الرأي وتقبله دائما للنقد بصدر ٍرحبٍ ، ولعل تصريحه هذا يذكرنا بتصريح ٍقديم له عن علماء الأزهر الذين رفضوا فتواه بخصوص فوائد البنوك بأنهم ( سمكريه ) وأنا حقيقة لا أعرف ُمن يقفُ وراء هذه الحملةِ الشرسةِ ،ويذكي أوارَ نارها ، ولا ما يهدفُ له من ورائها وكيف يجهل هذا الموتور ما اتفق عليه جمهور النادي الأهلي ونادي الزمالك وأندية الأقاليم أنَّ (الضربَ في الميتِ حرامٌ) .

الأربعاء، 10 ديسمبر 2008

وقائع مصرية


الوصول إلى الغايات لا يكون إلا بتقديم التضحيات، والواقع المأزوم الذي تعيشه مصر بسبب سياسات نظام مبارك يكاد يصل بالبلاد إلى حافة الهاوية ، يحدث هذا في ظل إحجام كامل من الجميع عن تقديم أي تضحيات من أجل إزاحة نظام مبارك ، والحيلولة دون إتمام عملية التوريث ، ويعتبر عام 2009 هو العام الحاسم بالنسبة لقوى الضغط وقدرتها على إنهاء مأساة الشعب المصري بإزاحة نظام مبارك ، والحقيقة أن نظام مبارك يستمد عافيته المتوهمة بالترويج لعدد من المفاهيم غير الحقيقية التي تبالغ في قوته ، وتكرس لما يمكن تسميته بسطوة الدولة وسيطرة الأجهزة الأمنية على الأمور بشكل كامل وهذه النقطة بالذات غير صحيحة على الإطلاق إذا وضعنا في الاعتبار الترهل الذي طال جميع قطاعات الدولة بشكل عام ولا يمكن تصور أن الأجهزة الأمنية بما تعانيه من مشكلات تكدس جميع ملفات الدولة لديها بمنأى عن هذا الترهل ناهيك عما أصابها بفعل الفساد ، وانخفاض معدلات مستوى الكفاءة المهنية ، وبقراءة سريعة للأحداث الأخيرة سيتضح أن هناك حالة من الانفلات الأمني غير المسبوق تمثلت في حدوث جرائم قتل تمت على أيدي ضباط شرطة ضد مواطنين في وضح النهار ،فما دلالة هذه الأحداث المتتابعة ؟ إن خروج كثير من هؤلاء عن السيطرة ،وارتكابهم للجرائم بهذه الطريقة يعنى أن هناك ضغطا شديدا يعانون منه ،مع الإحساس بتضخم الذات الذي يشكل مرضا خطيرا يعاني منه عدد كبير ممن يمتهنون هذه المهنة ،كما أن الشعور بالعزلة وعدم الانتماء للمجتمع ،يسهم بشكل كبير في عدم الإحساس بالأمان أثناء التعامل مع المواطنين ،ربما لا يبرر ذلك ردود الأفعال المبالغ فيها من قبل هؤلاء ،أو ما يمكن تسميته الاستخدام المفرط للقوة – حسب تعبير وسائل الإعلام الحكومية عن الممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين- ولا يمكن أن يكون ذلك مبررا أيضا لما يمارس من تعذيب داخل أقسام الشرطة ،رغم تقديم البعض منهم للمحاكمة وصدور أحكام بالعزل من الوظيفة ، بل والسجن ، وما يمكن أن نتصوره أن العديد من هؤلاء أصبحوا على حافة الانهيار العصبي ، وليس معنى ذلك أن تأخذنا بهم شفقة أو رحمة ،فهم على أي حال مجرمون لابد أن ينالوا عقابهم عاجلا أو آجلا ، فإجرام هؤلاء فاق كل تصور ، ولا أشك أنهم سيدقون المسمار الأخير في نعش نظام مبارك بما يقترفون من آثام في حق هذا الشعب ،وليس بجديد أن نذكر أن أحداث المحلة اندلعت بسبب صفعة وجهها ضابط شرطة لأحد المواطنين ، فماذا يعني ذلك ؟ببساطة الجهاز الأمني الذي يظن سدنة النظام أنه حامي الحمى ، هو بالتأكيد من أوهن حلقات السلسة الجهنمية التي يقيدون بها الشعب المصري ،كما أن وجود ما يربو على المليون ونصف المليون من جنود الأمن المركزي ،وما يعانونه من ظلم وظروف معيشية صعبة ،تؤكد أن كثيرا من الولاءات يمكن أن تنقلب في أي لحظة بفعل الفوضى ، مع الوضع في الاعتبار أن هذا العداء السافر من قبل أجهزة الأمن يقابل بالعنف المضاد من المواطنين كما حدث في سيناء و المنيا وغيرهما ، كما أن وسائل الإعلام التي تجد في هذه الأحداث مادة شديدة الجاذبية ،أصبحت تشكل ضغطا آخر على رجال هذه الأجهزة ،وخصوصا أن كثيرا منهم ما زال يعيش بعقلية الأزمنة السحيقة ، فمتى يفيق هؤلاء ؟ لا شك أنهم سوف يفيقون – كالعادة- بعد وقوع الكارثة .

الأربعاء، 26 نوفمبر 2008

الإحلال وليس الإصلاح

في الآونة الأخيرة ارتفعت أصوات كثيرة محسوبة على قوي المعارضة السياسية ،تقول بأنه ليس في قدرة أي فصيل من فصائل القوى الوطنية أن يتحمل تبعة ما أحدثه نظام الرئيس مبارك من فساد وإفساد طال جميع مناحي الحياة في مصر ،وهذا صحيح من جانب وغير صحيح من عدة جوانب ،فالشاهد أن حال البلاد قد وصلت إلى وضع لا ينفع معه أي إصلاح ،وربما أصبح الحديث عن الإصلاح الآن بمثابة نكتة لا تضحك أحدا ،خاصة أن من يلوكون هذه الكلمة صباح مساء هم أصل الفساد ومنبعه ، أما السخف عينه ،فهو أن هؤلاء - نقصد سدنة الفكر الجديد- لا يتورعون عن الانتقال من أقصى اليميــن ( بيع شركات القطاع العام ) إلى أقصى اليسار (تمليك ممتلكات الدولة للشعب ) وهم لا يفعلون ذلك إلا لزيادة جرعة التضليل الإعلامي ،وممارسة الدجل على جموع المصريين من أجل كسب الوقت للحصول على المزيد من ثروات الوطن المنهوب،وليس فيما سبق جديد، ولكن الجديد أن تركة النظام الحالي لن تكون ثقيلة على أحد إذا وضعت الأسس الصحيحة لإزالة آثار عدوان النظام الحالي على مصر طيلة ثلاث عقود حدث خلال سنواتها إخلال خطير بالتركيبة الطبقية للمجتمع ،ليصبح المجتمع المصري بامتياز هو مجتمع النصف في المائة ،ولسنا بصدد سرد إحصائيات تتحدث عن توزيع الدخل القومي على المصريين ،كما أنا لسنا بصدد الحديث عن جملة القوانين التي صنعت لتكرس الظلم الاجتماعي ،ما نحن بصدد الحديث عنه هو الإحلال وليس الإصلاح ،فالإصلاح لا يصح مع المنظومات الاجتماعية والاقتصادية التي أصابها الخلل بشكل شبه كامل ، وهذا الإحلال لا يتأتى إلا بقرارات جذرية لا تمثل انتقالا غير محسوب العواقب ،بقدر ما تمثل تصحيحا طبيعيا للأوضاع التي طال زمان فسادها ،وليس من نافلة القول أن نذكر أن التأميم الذي قامت به ثورة يوليو كان ذا بعد اجتماعي لا يخفى أثره على أحد ،خصوصا ،ونحن نعلم جيدا كيف تمت عمليات بيع ممتلكات الدولة بشكل مشبوه وغير عادل على الإطلاق ، وإذا كان الحزب الحاكم قد أطلق مبادرة الفكر الجديد في محاولة يائسة لإخفاء ما اقترفه في حق البلاد والعباد من جرائم ، فإننا نستطيع أن نقول أن الإحلال لا يحتاج إلى فكر بقدر ما يحتاج إلى سواعد قادرة على التنفيذ الدقيق ،لما يتخذ من قرارات ، ويمكن أن تؤتي هذه التجربة ثمارها في فترة زمنية قصيرة ،إذا ما صلحت النوايا ، كما أن الأفكار الجديدة التي يمكن أن تطرح في هذا الشأن لن تكون ذات فاعلية كبيرة لدى جموع الشعب ،قياسا إلى الفعل المباشر ذي المردود الإيجابي على المواطن المصري البسيط ، ويمكن من خلال الإجابة على عدة أسئلة أن نصل إلى نتائج مرضية ، مثلا ما حجم ما تنفقه الدولة على الحراسات الخاصة لكبار المسئولين فيها ؟ما حجم ما يتم إهداره من أموال الشعب سنويا على التهنئة والتبريكات والنعي والمواساة ،ما حجم ما يتم إهداره من أموال على من يشغلون وظيفة مستشار في الوزارات المختلفة ؟ ما حجم ما يتم إهداره من أموال بسبب غياب التنسيق بين الوزارات المختلفة والذي تسبب في تشويه وتكسير معظم شوارع مصر؟ ما حجم ما تنفقه الدولة على المكاتبات الورقية والخطابات الرسمية ويذكر أن إحدى المصالح الحكومية كانت قد أرسلت خطابات إنذار بالدفع على مدي عدة سنوات لمواطن كان مدينا لهذه الجهة برسم قدره خمسون قرشا، وقد تكلفت هذه الخطابات عشرات الجنيهات ؟! ثم ماذا لو أوقف النهب في مصر لمدة عام ؟ إن ما يهدره نظام مبارك من أموال إهمالا ونهبا واستغلالا واستغفالا للشعب المصري في عام يكفي لإصلاح أحوال عموم المصريين ،وقد قدرت إحدى مؤسسات الشفافية الدولية حجم الأموال التي نهبت خلال فترة حكم الرئيس مبارك بنصف تريليون دولار ناهيك عما تم إنفاقه في غير موضعه،وما تم منحه لأشخاص دون وجه حق وغير ذلك من أشكال تبديد المال العام والاحتيال للحصول عليه ، إن الجزء الأكبر من الحل يكمن في وقف نهب مصر ، أما عن آليات وقف النهب ، فهناك الكثير من الطرق التي يمكن استخدامها في هذا الشأن أولها بل وأهمها إلغاء صالة المغادرة المخصصة لكبار الزوار في ، مطار القاهرة وجميع المطارات المصرية .

الخميس، 13 نوفمبر 2008

الكتابة عبر التدوين


في يوم16/6/2006 نشر أول مقال لي على موقع حزب الوسط الجديد وكان بعنوان تنافي الأجيال ومن يومها وأنا أداوم على الكتابة ، ومنذ نحو العام وتحديدا يوم 24/1/2008 بدأت الكتابة عبر المدونات ،وكان ذلك في مدونة على جيران ،اشتركت وصديق لي في التدوين على صفحاتها،ثم تلى ذلك تجربة ملفات مصرية 71 وكان ذلك في أبريل نيسان الماضي ،وقد أحصيت على صفحاتها 22 مقال شديد الجدية ،ربما إلى درجة السخف ،وكنت أظن - ولازلت - أني بعيد كل البعد عن روح الكتابة التدوينية التي تحررت من قيود الكتابة التقليدية إلى أشكال أخرى بعضها جديد ،وبعضها يعتبر من قبيل كتابة الخواطر أو اليوميات أو الانطباعات أو التسجيل المباشر لمواقف الحياة اليومية ، وكثيرا ما فكرت في التخلي عن الكتابة عبر المدونات ،وكثيرا ما كنت أقول لنفسي أن الكتابة التدوينية تحتاج إلى روح أخرى غير التي بين جنبي، أو أنها جاءت متأخرة عشر سنوات على الأقل ،وكثيرا ما كنت أحسب نفسي متطفلا على عالم المدونين ، ولم يكن لدي إصرار حقيقي لمواصلة رحلة التدوين ، وخصوصا بعد أن هجرت مدونتي على جيران ، ولم يكن مدونو البلوج سبوت قد عرفوا طريقهم بعد إلى ملفات مصرية ، وظلت المسألة بداخلي لا تستقر على حال حتى بعد أن تلقيت تعليقات على ما أكتبه ، لكن سؤال الجدوى ،كان لازال يطرح نفسه بقوة ،ما هي درجة أهمية ما أكتب ؟وإلى من يصل ؟وما مدى الاستفادة التي يمكن أن تتحقق منه ؟ خصوصا أن ما أكتب لا ينتمي إلى عالم التدوين - حسب زعمي - فأنا أكتب ما أظنه مقال سياسي ، وهي كتابة كما قلت ليس لها سوق رائجة في عالم التدوين ، كما أني لاحظت أن رؤيتي والتي تتبدى بوضوح من خلال ما أكتب ،تخالف كثيرا من الرؤى التي تحمل قلقا خاصا وتميز كتابات عدد غير قليل من المدونين الجادين ، لذلك فقد أصبح الفعل التدويني المنبت عن أصله ،والمنسوب إلى غير أهله في آن فعلا ثقيلا ، زاد إلى أعبائي عبئا جديدا ،فلا أنا بالمستمر ولاأنا بالمنقطع ، وأحببت أن أطرح ما يدور برأسي على المتابعين علهم يساعدوني بآرائهم في الوصول إلى حل ...... هذا كل ما هنالك .

الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

أزمة التعليم في مصر

تشهد العملية التعليمية في مصر ترديا هائلا طال جميع عناصرها ، بدءا بالمناهج التعليمية ومرورا بالطالب ،وليس انتهاء بالمعلم ، والمؤكد أن أزمة التعليم في مصر سوف تشتد ، طالما بقيت سياسات التعليم محكومة بالعشوائية والتخبط والتجريب الذي ما يلبث أن يثبت فشلا بعد فشل ، والحقيقة أن إصلاح التعليم في مصر أصبح في غاية الصعوبة ؛ والسبب في ذلك أن هناك إفسادا متعمدا طال العملية التعليمية في مصر ،واستمر لأكثر من ثلاثة عقود ،واتخذ أشكالا متعددة ،وتسمى بمسميات خادعة ،كالتطوير والتحديث ،واعتمد بشكل كبير على استيراد التجارب التعليمية الأجنبية دون النظر إلى مدى توافقها وملاءمتها للمجتمع المصري وخصوصيته الحضارية والثقافية ،كما لم يراع القائمون على وضع سياسات التعليم في مصر كثيرا من الأولويات المتعلقة بالمؤسسات التعليمية القائمة من حيث كونها تفتقر - في غالبيتها - إلى إمكانات التطبيق الجاد لخطط التطوير والتحديث المزعومة ،مما أحدث ارتباكا هائلا بين العاملين في الحقل التعليمي ،وهم ممن يتعاملون بشكل مباشر مع المستهدفين بهذه العمليات من الطلاب ، ولا شك أن هذا الارتباك الحادث كان نتيجة طبيعية لتلك الفجوة الهائلة التي نتجت عن الإعراض التام من قبل العاملين على وضع هذه السياسات عن التشاور مع العاملين بالحقل التعليمي حول النهوض بالعملية التعليمية ،ومن ثم لم يقف هؤلاء على المشكلات الحقيقية التي تعترض طريق التقدم المأمول ،ولا شك أن من نتيجة هذا الاستعلاء من قبل واضعي سياسات التعليم في مصر أن كان العاملون في حقل التعليم من المعلمين والمربين عقبة أخرى في طريق التطوير والتحديث ،بدلا من أن يكونوا أول الداعمين له ، ولهذا أسباب كثيرة من أهمها عدم الاقتناع بجدوى عمليات التطوير والتي كانت في معظمها منبتة الصلة عن واقع المعلم والمتعلم ، وكذلك فإن انعدام الثقة في النظام السياسي انعكس بشكل كبير على مدى تفاعل قطاعات واسعة من المعلمين ،والذين رأوا أن التطوير في حقيقته ما هو إلا تخريب منظم للعملية التعليمية ،ناهيك عن سوء أحوال المعلم والتي لا تكفل له سبل العيش الكريم ، مما جعله زاهدا في تحصيل مختلف الخبرات والمعارف الجديدة ،والتي يرى كثير من المعلمين أنها لن تضيف إليهم شيئا ، وكان من أسباب العشوائية التي اتخذت منهجا لدى القائمين على وضع سياسات التعليم في مصر ، أن فرغت المناهج الدراسية من مضامينها بحجة محاولة البعد عن الحشو الذي يؤدي إلى عزوف الطلاب عن الدراسة ،فتم تبسيط كثير من العلوم حتى وصل هذا التبسيط حد الإخلال ، واستحدثت بعض المواد الدراسية كمادة القيم والأخلاق ؛لتحل فيما بعد كبديل للتربية الدينية ، والتي خرجت أصوات كثيرة ليست فوق مستوى الشبهات تنعق بضرورة استبعادها من المناهج الدراسية ،ولم يكن كل ذلك ببعيد عن الضغوط التي مورست على الدول الإسلامية عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، ومما يدعم الرأي الذي يقول بأن عمليات التطوير التي حدثت على مدى العقدين الأخيرين تحديدا لم تكن بعيدة عن الإفساد المتعمد ، أن الدول التي تم اجتزاء تجاربها لتطبيقها في مصر ،كالولايات المتحدة واليابان مثلا تضع شروطا صارمة للنظم التعليمية بها تتعلق بالإطار العام للتعليم والذي لا يجوز المساس به ، كما أن هذه الدول تولي اهتماما غير عادي لتعليم اللغة الأم وتدريسها لدرجة أن اليابان مثلا لا تدرس بها لغة أجنبية في المرحلة الابتدائية والإعدادية -حتى سن السادسة عشرة - حتى يستوعب الطالب لغته الأم استيعابا كاملا ،بينما نرى اللغات الأجنبية في مصر يتم تدريسها بدءا من مرحلة رياض الأطفال ، ولا يخفى مغزى ذلك على أحد ،وليس أدل على استهداف اللغة العربية في التعليم المصري من الشعار الذي رفعته الوزارة وكان عبارة عن جملة عامية من الركاكة بمكان تقول (( إيدك في إيدنا نطور تعليم ولادنا ))وكأن اللغة العربية الفصيحة قد عقمت عن أن تنجب جملة تؤدي الغرض دون إخلال بالمضمون ، فكيف نرجو خيرا من سياسات تعليمية تستهدف لغة الأمة بالإقصاء تارة ،وبالتسفيه تارة أخرى وتدعمها في ذلك وسائل الإعلام التي دأبت ومنذ عقود طويلة على السخرية من اللغة العربية ومعلميها ... والأخطر من كل ما سبق هو فتح الباب على مصراعيه أمام المدارس الأجنبية ، والخاصة على تنوع مسمياتها ومراميها واختلاف مناهجها ،مما أوجد حالة من الالتباس الشديد لدى الأجيال الجديدة بشأن كثير من المفاهيم التي كنا نعدها من قبل من الثوابت ،مثل قيم الانتماء والاعتزاز بالعروبة وغير ذلك ، ولا شك أن توحيد التعليم العام خاصة في مرحلة ما يسمى بالتعليم الأساسي ،لهو من أهم دعائم بناء الشخصية المصرية ،وإعدادها لمواجهة تحديات المستقبل ، ويبدو أن كل ذلك خارج عن اهتمامات الدولة المصرية الآن والتي تصب الآن جل اهتمامها لتحرير الجندي الإسرائيلي الأسير ((جلعاد شاليط )) .

الخميس، 16 أكتوبر 2008

اللحاق بركب الحضارة

منذ ُأن كنَّا صغارًا ونحن نسمع عن ضرورة اللحاق بركب الحضارة ، والحضارة المقصودة هنا - بالطبع- هي الحضارة الغربية ،وعلى طريقة ما تكرر تقرر ،فقد أصبحت الجملة بمعناها ومبناها من المسلمات،إلى أن فاجأنا الدكتور المسيري - رحمه الله- في إحدى الندوات بمعرض القاهرة الدولي للكتاب منذ سنواتٍ بمقولته الصادمة (( إنَّ الدولة التي تجعل مشروعها الوطني هو اللحاق بركب الحضارة الغربية ،عليها أن تعي أنَّها إذا أدركت بغيتها ، فإنَّها سوف تكون في ذيل الركب )) والسؤال الذي تطرحه المقولة الصادمة هو كيف لدولة ظلت لسنوات طويلة رأساً للحضارة في منطقتها، أن ترتضي أن تكون في حضارة أخرى بمثابة الذيل ؟ كيف لهذه الدولة أن تتخلى عن دورها طواعية ولحساب من ؟ وهل توجهها لحضارة أخرى مغايرة تماما ،ومحاولة اللحاق بركبها يتم بنوايا حسنة ،بعيدًا عن العمل لصالح كيانات بعينها تعمل بشكل دائم ومستمر ضد المصالح الإستراتيجية لهذه الدولة والأمة التي تنتمي إليها؟ لماذا لا يتبادر إلى ذهن من يتناول هذا التوجه بالتحليل والدراسة ،أنَّ الداعمين لهذا التوجه من مسئولي هذه الدولة ما هم إلا طابور خامس يعمل ضد مصالح بلاده ومستقبل أمته ؟ هل يخطئ المستقرئ لأحوال هذه الدولة وما وصلت إليه من فشل ٍذريع ٍفي كافة المجالات في إدراك أن ما تم من انسلاخ ٍعن مسئوليات القيادة وتبعات الريادة للأمة وللمنطقة ،إنَّما تم لحساب أعداء الأمة والمتربصين بها ، دون اللحاق بركب أي حضارة مهما صَغُرَ شأنها ،وانكشفت سوأتها على أيدي أبنائها أنفسهم ؟ والحقيقة أنَّ هؤلاء الذين لا يزالون ينعقون في الفراغ ،وينادون بتفوق المشروع الفكري الغربي ، وضرورة اعتناقه ،كطريق ٍواحد ٍللخلاص من الأزمات ، ويتعامون عما انتاب هذا المشروع من صدوع ٍتُؤذِن بانهياره ،هم واهمون ومنهزمون ،بل ومنسحقون بالكلية أمام هذا المشروع ،بعد أن أشْرِبُوه في قلوبهم ،فصار عجلهم المعبود ، ولأنَّ هؤلاء وبفعل العادة يصيرون في أغلب الأحوال ملكيين أكثر من الملك ، فإنَّهم وكلما رأوا هذا المشروع الغربي ينهار على المستوى التطبيقي ،يسارعون بالزعم بأن ما حدث لا يعدو كونه خطأ تسبب فيه الانحراف الطفيف عن النظرية التي قام عليها المشروع بأكمله ،متجاهلين عن عمد أنَّ الأسس الفكرية التي قام عليها المشروع الغربي والتي ارتكزت على النفعية الآنية والتحرر من القيم ،والتي تحمل في داخلها بذور زواله وفنائه ، هي السبب المباشر فيما حدث من انهيار،إذْ يقوم المشروع في جانبه الاقتصادي على التجاوز الشديد في حق المجموع لحساب أطماع الفرد ،وتطلعه نحو تحقيق الثروة العاجلة دون ضوابط أو شروط ، وهذه هي آفة العلمانية الشاملة التي قامت عليها الحضارة الغربية إذ ألغت كل مرجعية ،وجعلت مرجعية الإنسان هي ذاته فحسب ، وهذا ما لا يصلح بأي حال من الأحوال في مجتمعاتنا التي يشكل فيها المعتقد والموروث ركنًا ركينًا في تركيب الشخصية ،وتشكيل الهوية ،وكأنَّ هؤلاء المنادين بالتبعية للمشروع الغربي ومحاولة اللحاق بركبه يطلبون منَّا أن نخلع عنَّا تراثاً تليدًا مستقرًا في وجداننا ، لِنَتبَعهم في سعيهم خلفَ السراب ، وليس من نافلة القول أن نقول أنَّ كثيرين ممن وقعوا أسرى هوى الفكر الغربي على اختلاف أهوائهم ومشاربهم ، انطلقوا من منطلق واحد ،هو كراهية هذه الأمة تراثا ودينا وفكرا وعقيدة وتاريخا ومنهجا ،وهم - فيما يبدوا- لديهم هذه القدرة الفائقة على التلون الأيدلوجي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ،غير أنَّهم لا يراهنون أبدًا على التخلي عن مرتكزهم الأوحد والوحيد ألا وهو العداء السافر والمستتر لمشروع الأمة الحضاري القائم على التمايز والداعم للخصوصية الثقافية والمدرك لحقائق الواقع ،ومعطياته ،بما لا يتعارض مع ثوابت الأمة ومنهجها الراسخ ، والعجب كل العجب من دأب هؤلاء وجلدهم ،رغم أنَّهم لم يبرحوا مواطئ أقدامهم منذ بدءوا ،إلا تراجعا وخيبة وانكفاء ،فمتى يرجع هؤلاء عن الغي الذي هم فيه سادرون ؟

الجمعة، 3 أكتوبر 2008

بيننا وبينهم الجنائز

كنت قد انتويت أن أكتب عن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر في ذكرى وفاته ، ولكني انشغلت بالكتابة عن جرائم نظام مبارك المتتالية والتي لا تترك للمرء وقتا للكتابة عن غيرها ، فلقد استمرت حرائق النظام ،فتلى حريق المسرح القومي ،حريق الشورى ، وتبع اختطاف السياح الأجانب، اختطاف البحارة المصريين من قبل القراصنة الصوماليين ، ثم ما تلا ذلك من أكاذيب ساقها المسئولون المصريون عن بطولات مزعومة في تحرير السياح والبحارة المصريين ، ما لبثت أن فضحتها وسائل الإعلام العربية والغربية ، وفي أول أيام عيد الفطر المبارك ، شاهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل ناصر ، فعاودني الحنين من جديد للكتابة عن الزعيم الرمز ، وكنت قد طالعت الأحدالماضي في جريدة العربي مقالة الصديق المهندس أبو العلا ماضي عن الراحل الكريم ، وقمت بقراءتها مجددا اليوم على موقع حزب الوسط المصري ، وأعجبت بالمقال أيما إعجاب ورأيت أنه من الواجب على أن أضع هذا المقال الرائع على هذه المدونة اعترافا مني بفضل الرجلين ، حيث أنني أدين بالفضل لكلا الرجلين ، فالزعيم العظيم جمال عبد الناصر ، هو رائد الوطنية الحقيقية ،وناصر الفقراء ، وسيبقى بإذن الله رمزا خالدا رغم أنف المتطاولين ، أما الكاتب المهندس أبو العلا ماضي ، فالحديث عن فضله لايتسع له المقام ، لا أريدأن أطيل عليكم ، وإليكم المقال :-

بيننا وبينهم الجنائز

في يوم الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970 تنبه كاتب هذه السطور وهو لم يكمل بعد عامه الثالث عشر على صوت والده يصرخ بأعلى صوته "يا أبويا" فسألت فزعًا وأنا أعرف أن جدي قد توفاه الله قبل أن أُولد فعلمت أن الرئيس جمال عبد الناصر قد مات وبكى والدي وبكينا معه بحزن حقيقي، وخرجت مع أقراني مسرعًا إلى شوارع مدينتنا "المنيا" في صعيد مصر فإذا بطوفان يضم عمالا وفلاحين ومهنيين والأغلبية الكاسحة منهم من الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى ساروا جميعًا في جنازات مهيبة تطوف شوارع المدينة وتملؤها عن آخرها وهى تردد كلمات مازالت تتردد في أذني "الوداع يا جمال.. يا حبيب الملايين"، وظل الحال كذلك حتى حل ظلام الليل علينا، أمواج من البشر تبكى وتسير بغير هدى حزنًا على فقيدها الزعيم جمال عبد الناصر، وقد تكرر هذا المشهد كما علمنا بعد ذلك في كل مدن مصر وقراها ومحافظاتها، ناهيك عما جرى في العاصمة القاهرة التي زحفت إليها الجماهير بكل أنواع المواصلات وخاصة القطارات لتشارك في وداع الزعيم ناصر.

ومرت السنون فأضافت لعمر الصبي وقرأ في شبابه وتابع الصراع الذي دار حول قيمة وأثر الرئيس جمال عبد الناصر وتأثر سلبًا بمواقف خصومه التاريخيين في الحركة الإسلامية ثم ما لبث في مرحلة نضجه أن تأمل في تاريخ تلك المرحلة بعين مستقلة فاعتدل الميزان مرة أخرى ليعترف بفضل الرجل وأثره على مصر والأمة العربية وأماكن مختلفة من العالم.

وقد كانت نقطة البداية من الثقافة الإسلامية التي تدرسها أيضًا الحركة الإسلامية فقد تأملت الصراع الذي دار بين الإمام احمد بن حنبل وخصومه حول قضية خلق القرآن، وكيف ثبت الإمام أحمد في وجه التعذيب والسجن والأذى، وفيما قاله الإمام حين سأله ابنه حينما شاهد صولجان خصومه وسأل أباه الإمام عن رأيه في هذه المواكب والهيبة المصنوعة قال الإمام أحمد مقولته الشهيرة لا تغتر يا بني بهذه المشاهد "فبيننا وبينهم الجنائز" وقد صدق الإمام فحين مات خصمه اللدود أحمد بن أبى دؤاده حمل نعشه أربعة أفراد فقط ولم يسر في جنازته أحد في حين عندما مات الإمام أحمد خرج كل أهل بغداد وما حولها لتشييع جنازته في موكب ومشهد مهيب ندر أن يتكرر بهذا الحجم في زمانه بل ظل الناس يأتون للصلاة على قبره من جميع أنحاء الأمة لعدة شهور، ولهذا السبب تحرص الحركات الإسلامية وخاصة تلك التي خاصمت الرئيس عبد الناصر على أن تحشد في جنازات رموزها أعدادًا كبيرة لتستدل على صواب موقفها وأن الحق معها مسترشدة بمقولة الإمام أحمد بن حنبل الشهيرة، وحين تأملت هذا الموقف تذكرت جنازة الرئيس عبد الناصر ومقولة الإمام أحمد وقلت لنفسي بهذا المعيار خروج الملايين في جنازة الرئيس عبد الناصر هي شهادة لصالح الرجل واستفتاء في آن واحد، فكل هؤلاء الناس أو كل الملايين التي عشت بين جزء منهم في جنازة رمزية في بلدنا خرجوا بشكل تلقائي وبحب حقيقي لم يدفعهم إليه أحد ولم يوجههم أحد ولو كان حدث ما كانت الاستجابة بهذا الشكل غير المسبوق، والطريف أنني كنت في الولايات المتحدة الأمريكية بصحبة الأستاذ الدكتور عماد رمزي في عام 2004 وكنا نحاضر معًا في جامعة أنديانا فإذا بسيدة عجوز تأتى إلينا بعد المحاضرة مرحبة بنا وقالت إنني أحب مصر جدًا وأحب الزعيم جمال عبد الناصر وأخرجت من حقيبتها نسخة من جريدة الأهرام في اليوم التالي للجنازة وقد صورت الجريدة مشاهد من هذه التجمعات الضخمة التي شاركت في الجنازة ومنهم من اعتلى أعمدة الإنارة حتى آخرها وشرفات المنازل والأسطح وهى تحتفظ بهذا العدد وتفتخر بهذا المشهد، فابتسمنا على هذا الشعور النبيل من هذه السيدة الأمريكية التي أكدت هذه الصورة غير المسبوقة لجنازة بهذا الحجم في القرن العشرين كله.

فاعتبرت أن مشهد الجنازة هو رد اعتبار للرجل والزعيم بمقياس الإسلاميين أنفسهم، وأنه بالرغم من تقييمه الذي قد يختلف الناس حوله سواء في إيجابياته أو سلبياته إلا أن خروج الملايين لجنازته بهذا الشكل هو استفتاء شعبي حقيقي على حب هذا الرجل وتطبيقًا لمقولة الإمام أحمد "بيننا وبينهم الجنائز".

الأحد، 28 سبتمبر 2008

القومي يلحق بالشورى


في الحقيقة أني كنت قد انتويت أن أترك الحديث عن جرائم النظام المصري غير المسبوقة لبعض الوقت ،لأتحدث في موضوعات أخرى شغلتني في الفترة الحالية ،كالهجوم على مولانا فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي بسبب ما صرح به عن المد الشيعي ، ووجوب مواجهته ، ورأيه في ما يعتقد الشيعة الإمامية من عقائد ، تصل بهم إلى حد الابتداع غير المخرج من الملة ، ولكن يبدو أن الحديث عن ذلك سوف يؤجل ، كما كنت أنوي أن أكتب عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في ذكرى وفاته ، وما أثاره مسلسل ناصر من ردود أفعال واسعة ، خاصة لدى جماعة الإخوان والذين يرون أن التاريخ لابد أن يكتب وفق أهوائهم ، لكن خبر حريق المسرح القومي أخرجني من ذلك كله وأعادني إلى الحديث عن جرائم نظام مبارك ،والتي لا تنتهي ، فلا زالت الانهيارات في المقطم مستمرة ، وما ارتكبه نظام مبارك في حق الضحايا وأهاليهم يدخل في إطار جرائم الإبادة الجماعية ،خصوصا إذا علمنا أن الانهيارات حدثت بسبب مشروعات شركة إعمار في المقطم ، وتسرب كميات هائلة من المياه التي تروي ملاعب الجولف إلى داخل الجبل ، وإذا عدنا إلى حريق المسرح القومي والذي أعلن أنه حدث بسبب ماس كهربي ، نجد أن أركان جريمة الإهمال متوافرة ، قصور شديد في عوامل الأمن والسلامة ، تباطؤ لا يصدق في التحرك للسيطرة على الموقف ، لا مبالاة واضحة في التعامل مع الحدث وكأنه كارثة طبيعية ، والواضح أن مبارك ونظامه قد فقد مصداقيته التي لم تكن موجودة أصلا ،لدى جموع المصريين ، حتى فيما يفترض فيه النزاهة من ظاهر الأفعال كإحالة هشام طلعت مصطفى إلى الجنايات ،نجد الكثيرين يتحدثون عن تصفية حسابات ، وصراع على الأنصبة الكبرى في سوق العقارات ، وانصياع تام لدولة تهدد بسحب الاستثمارات التي تتجاوز العشرين مليارا من الدولارات ، والسؤال الذي يطرح نفسه إذا كان نظام مبارك لم يفلح في التعامل مع حريق محدود في مجلس الشورى أو في المسرح القومي ،فماذا سيفعل إذا شب حريق- لا قدر الله- في منشأة صناعية ذات خطورة كمحطات إسالة الغاز في دمياط وإدكو ، ماذا سيفعل النظام الذي يبخل بأدنى عوامل الأمن والسلامة على مرافقه الحيوية ، لتتكدس في قصور الرئاسة ، واستراحات الأسرة المالكة ؟ لا يمكن أن يقول عاقل أن نظام مبارك يهوي إلى هذا الدرك ، وبهذه السرعة وفق هواه ، والحقيقة أن انهيار النظام يحدث بشكل تلقائي بفعل عوامل الضعف والتحلل بسبب طول الأمد الذي ماج بالفساد ،وامتد بعوامل الاستبداد ، بقي أن نقول أن الصمت على ما يحدث في مصر خطأ لا يعدله خطأ ، وهو يرقى إلى حد التواطؤ مع مجرمي نظام مبارك ،وقد ألمح لهذا المعنى الدكتور محمد سليم العوا في حديث له على إحدى القنوات الفضائية ،مشيرا إلا أن بسطاء الناس إذا ارتضوا الظلم ، ومشوا في ركاب الظالمين ،وباعوا أنفسهم بالبخس ، يوشك الله تبارك وتعالى أن يعمهم بعذاب من عنده وصدق ربنا العظيم إذ يقول ((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) سورة الأنفال آية 25

السبت، 27 سبتمبر 2008

رياح التغيير

إنَّ الأصلَ في الدولةِ هو التداولُ وهو في المعنى انتقالُ الشيءِ من يدٍ إلى أخرى ، والأممُ التي لا تعرفُ للسلطةِ تداولاً تشيخُ وتفنى ، وتصبحُ بمرور ِ الزمن دولاً موجودةً على سبيل ِ الاعتبار ِ لا الحقيقيةِ ،وما يحدثُ في مصرَ اليومَ هو صورةٌ من أبشع ِ صور ِ الوجودِ الاعتباري للدولةِ ، إذ ْ تقزمَ دورُ مصرَ على المستوى الإقليمي والدولي ، ورضيتْ بأدوار ٍ هي أقلُ بكثير ٍ من وزنها باعتبار ِ التاريخ ِ وحساباتِ الموقع ِ، مفسحة ً الطريقَ أمامَ دول ٍ لم تكن ذاتَ أدوار ٍ تذكرُ حتى وقتٍ قريبٍ ، وآفة ُ احتكار ِ السلطةِ تكمنُ في الجمودِ الذي لا ينتجُ سوى التخلفِ ، إذ ْ يعمدُ محتكرو السلطةِ إلى ارتكابِ كل ِ ما من شأنه إحكامُ السيطرةِ على كل مناحي الحياة ؛ للحيلولةِ دونَ ظهور ِ قوى مناوئةٍ حقيقيةٍ ،تستطيعُ أنْ تدفعَ عجلة َ التغيير ِ خطوة ً واحدة ً للأمام ، وهمْ في طريقهم لتحقيق ِ هذا الهدفِ يرتكبونَ كلَ جريمةٍ ،ويقترفونَ كلَ إثم ٍ ،دونَ مراعاةٍِ لأبسط قواعدِ اللعبةِ السياسيةِ ، والتي تصبحُ دونَ أدنى قيمةٍ في ظل انسدادِ آفاق ِ التغيير ِ ،وغيابِ قنواتِه الشرعيةِ ،مما يصيبُ قطاعاتٍ المجتمع ِ وخاصةَ النخب باليأس ِ جراءَ ممارساتِ السلطةِ ، والتي تتسمُ دائمًا وأبدًا بالغشم والبطش ، والتي تحول دائمًا دونَ ظهور أي بارقة أملْ ، وبمرور ِ الزمن ِ تصبح كافة ُ الفعاليات التي تقومُ بها قوى المعارضةِ ، طقوسًا يومية تمارسُ بشكل ٍ يخلو من الحيويةِ ،ويركنُ إلى التنفيس عن الكبتِ ، وبالتالي تفقدُ هذه الفعالياتُ أهمَ أهدافِها وتصبحُ عديمة َ الجدوى ، ولقدْ حفلتْ التجربة ُ الإنسانية ُ بكثير ٍ من النماذج التي يمكنُ أن تُسْتَلهَمَ في مثل هذه الظروف التي تمرُ بها مصرُ ، كمحاولةِ التوصل إلى توافق وطني بين جميع ألوان الطيف السياسي ، يثمرُ برنامجًا يتمُ طرحُه على الرأي العام ، ومن ثـَمَّ العمل إلى الوصول لما يشبه الإجماع عليه ،ولكن ذلك يستلزم كثيرا من الإخلاص ِ وإنكار ِ الذات ،واللذين لا يتوفرا بشكل ٍ كبيرٍ بين القوى الموجودةِ على الساحةِ والتي تقدمُ أجنداتها الخاصة َ في كثير ٍ من أحيان على مصلحة الوطن ، لَكِنَّ اللافتَ للنظر أنَّ الحركات الاحتجاجية التي ظهرتْ خلال العامين الأخيرين ، وتم التعاملُ معها من قبل النظام بسياسة تعتمد مبدأ المراوحة والنفس الطويل ، قد أثبتتْ أنَّ حركة التغيير آتية ٌ لا محالة ،وأنَّها سوف تتجاوز أشكالَ المعارضةِ التقليدية متمثلة ً في الأحزاب السياسية المسنة والجماعة الراديكالية ، وحتى حركات المعارضة التي ظهرت منذ سنوات وأسهمت بدور فاعل في رفع سقف الحريات ،إلا أنها اسْتُنْفِذَتْ بسرعةٍ ،إذ ْ لم يكنْ لديها مقوماتُ البقاءِ والاستمرار، مما دفعَ بعضَ قيادات هذه الحركاتِ إلى محاولة دعمِها عن طريق التواصل مع مجموعات الشباب ونُشَطاء الانترنت ، وفي الآونة الأخيرة ظهرت العديد من المؤشرات التي تدعم قرب أوان التغيير ،ومنها انكسار هيبة النظام بتعرض آلته الأمنية لاعتداءات مباشرة من قبل الأهالي في أكثر من واقعة ، كما أن هناك شواهد عديدة تقول بأنَّ النِّظامَ المصري أصبحَ شبه عاريًا أمامَ المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وغيرها ، والتي باتتْ تستعدي مؤسساتٍ ذاتَ ثقل على النظام المصري ،كالاتحاد الأوربي ، والذي أدان منذ فترةٍ ممارسات النظام المصري في مجال حقوق الإنسان ، بل وطالبه بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين ، مع الوضع في الاعتبار أنَّ هناك مؤشرات تؤكدُ أنَّ السياسة الأمريكية في المنطقة سوف تشهدُ تغيرًا ما في الفترة المقبلة ،مما يستلزم مرونة ما في التعامل مع الإدارة الأمريكية ، يفتقرُ النظامُ المصري إلى أدنى حدٍ منها بسبب وضعِه الراهن ،وممارساتِه الإجرامية ، وانعدام الكفاءة لدى معظم مسئوليه من المستبدين وناهبي المال العام ، والشاهدُ من كل ما تقدم أن نظام مبارك مات إكلينيكيا ، وبقي فقط أن يتم فصله عن أجهزة الحياة المتوهمة ، فمن يفعلها ؟

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2008

الدعوة السلفية والإخوان

ردا على مقال " السلفية البديل الأسوأ للإخوان " للكاتب نبيل شرف الدين المصري اليوم 16 سبتمبر2008.
يَتَصَدَّى الكثيرُ من الكتابِ للحديثِ عن الجماعاتِ الإسلاميةِ ،وما يسمى بالإسلام ِالسياسي ، دونَ أنْ يكونَ لديهم أدْنَى معرفةٍ بتاريخ هذه الجماعات ،وما تُؤْمنُ به من أفكار ٍ، وأظنُ أنَّ بعضهم يستقي معلوماته من الأفلام ِ التي أنتجتها السينما المصرية عن هذه الجماعات ،والتي تمثل إدانة ً لصانعيها ،لما تحويه من كذب ٍوافتراءٍ واجتراءٍ على الإسلام نفسِه ،ولا يقومُ دليلٌ واحدٌ على صحةِ ما جاءَ فيها ،غيرَ أنَّها عَبَّرَتْ وبشكل ٍأمين عن حقدٍ أسودَ على الإسلام وأهله ، ولنعدْ إلى هؤلاء الكُتَّابِ ،ومنهم الأستاذ نبيل شرف الدين والذي يَعْمَدُ دائما إلى خلط ِالأوراق؛ للخروج بنتيجةٍ ترضي رؤيتَه المُسْبَقـَة َ ،والتي َتَحْكُمُ دائمًا على ما يكتبُ بالبعدِ عن الموضوعية والإغراق في الجدل العقيم ، ويستلزمُ ذلك دائمًا منه اللجوءَ إلى وضع الافتراضات التي تُخَاصمُ الحقيقة َوتخالفُ الواقعَ ،وهو دائمًَا ما يضطر في سبيل ذلك إلى ذكر معلوماتٍ غيرَ صحيحةٍ على الإطلاق ، فالدعوة السَّلَفِيَة التي تفضل بالحديث عنها ظهرتْ في مصرَ منذ أوائل السبعينات ، والسَّلَفِيَة ُالمصرية ُ- إذا جازَ التعبيرُ- لم تعرف منذ هذا التاريخ استخدامًا للعنف أو مواجهة ً للنظام ، فالمرجعية ُ السلفية ُ التقليدية ُترى أنَّ الخروجَ على الحاكم ِغيرَ جائز ٍ في كافة أشكاله وصوره ، ويرون أنَّ الحاكمَ الظالمَ المغتصبَ للسلطةِ ،له شرعية ُ الغالب ِ، ويجبُ له السمعُ ،كما تجبُ له الطاعة ُ ، كما أنَّهم يذهبونَ إلى أنَّ من خلعَ بَيْعَتَه- أي الحاكم- ماتَ ميتة ًجاهلية ً، والواضحُ أنَّ أ/نبيل شرف الدين لم يقرأ في كتب الفكر السلفي ، وربما اطلع على بعض الكتابات عنه ، ومما يثيرُ الأسفَ أن يخلط َالكاتبُ بعد ذلك بينَ جماعةِ الجهادِ والجماعةِ الإسلاميةِ في قضيةِ المراجعات على ما بينهما من تباين ٍفي التوجهِ وطرائق ِالاجتهاد الفقهي ،والتطبيق ِالعملي لما يؤمنون به من أفكار ٍومعتقدات ٍ، وأودُ أنْ أسوقَ فقرةً مما كتب أ/نبيل في مقاله ، وأرجو من القارئ العزيز أنْ يُعْمِلَ التفكيرَ فيها ،عَـلَّه يصلُ لشيءٍٍ يقول :-
وبعد مرور عشر سنوات علي مراجعات قادة «الجماعة الإسلامية» لمعتقداتهم الراديكالية، وإعلانهم التخلي عن العنف، قفز الإخوان علي الساحة في انتهازية تمثل تراثاً سياسياً لدي الجماعة منذ نشأتها، لهذا بحثت دوائر التفكير داخل النظام عن معالجة إستراتيجية لهذا المدّ الإخواني، الذي يشكل بالفعل خطراً داهماً علي الأمن القومي لبلد متعدد الأديان والثقافات كالمجتمع المصري.
ومن المعروف أن مراجعات الجهاد بدأت في أواخر التسعينات ، وتم تداولها على نطاق واسع مع بداية الألفية ، ولم تلق هذه المراجعات قبولا لأسباب عديدة منها أنها كتبت تحت وطأة عصا الجلادين ،لتكون خلاصا من لجج السجون ، غير أنها خرجت من طور المراجعة إلى شكل من أشكال الردة الكاملة عن الأفكار والمعتقدات والأفعال ، ولست الآن بصدد تقييمها ، لكن النكتة أن الكاتب يربط بين ظهور المراجعات ، وقفز الإخوان الانتهازي إلى مسرح الأحداث ، فهل يقول بذلك عاقل ؟
ثم النكتة الأهم عن دوائر التفكير داخل النظام ،والمعالجة الإستراتيجية للمد الإخواني ، ويبدو أن الكاتب لم يعد ينزل إلى الشارع ،ليرى بنفسه انحسار وجود الجماعة والرفض الشعبي لها ، ناهيك عن اتهامه للنظام بأنه يفكر ويضع الإستراتيجيات لاستخدام السلفيين لوقف المد الإخواني ، وهذا ربما ظهر بشكل جلي على مستوى الإعلام ، وهذا مما لا يستطيع النظام المستبد ردعه في زمن السموات المفتوحة ، نهاية لابد أن أوضح للكاتب أن الدعوة السلفية لا تعترف بالتنظيم ولا تقره ،وتراه شرا مستطيرا ، لا يجب اللجوء إليه مهما كانت الأسباب ، كما أن السلفيين - في مجموعهم - لا يهتمون بمتابعة الشأن العام ولا يطالعون الصحف ، بل ويذهب فريق غير قليل منهم إلى حرمة اقتناء أجهزة التلفزة ، وهم لذلك لا يعيرون النظام أدنى اهتمام مع إقرارهم بأن الهلاك هو مصير من يخالف شرع الله وسنة رسوله ، والأدهى والأمر من ذلك هو قولهم في الوطنية حيث يرون أنها جاهلية ،وأنها صورة من صور العصبية التي نهى عنها الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، والحديث عن الفكر السلفي وغيره من الأفكار هو ما يجب أن يكون موضوع الحديث ، لا هذه الترهات التي يطرحها الكاتب ومن هم على شاكلته .

الأحد، 14 سبتمبر 2008

النظام الكارثة

لازالَ النظامُ الحاكمُ في مصرَ يسجلُ - وبتفوق ٍ غيرَ مسبوق ٍ- اسمَه في سجل ِ أكثر ِالأنظمةِ الاستبداديةِ في العالم ِغباءً وغشمًا وإجرامًا ، فقلما نجدُ له نظيرًا من كثرةِ ما اقترفَ في حق ِالشعب ِالمصري من خطايا تستعصي على الحصر ،بل إنّ هذه الخطايا فاضت لتطالَ شعوبًا أخرى كالشعبِ الفلسطيني الذي يمارسُ نظامُ مبارك عليه حصارًا لا إنسانيًا في قطاع غزة ،استجابة ًللإملاءات الإسرائيلية وطمعًا في الرضا الأمريكي ، الذي بقي معلقاً بأوهام الدعم ِالعسكري وشروط ِالمعونة ،رُغمَ الدور غير الشريف الذي لعبه نظام مبارك في احتلال العراق ، والذي وصل حد السماح للقطع البحرية الأمريكية والتي تعمل بالطاقة النووية بالعبور من القناة ،وبالمخالفة الصريحة لمعاهدة اسطنبول والتي تحظر مرور السفن التي تعمل بالطاقة النووية من قناة السويس هذا غير فتح المطارات المصرية ؛ لتزويد الطائرات الأمريكية المقاتلة بالوقود ،واستباحة هذه الطائرات للأجواء المصرية دون حسيب أو رقيب ،برغم ما تشكله هذه الممارسات من خطر على الأمن القومي المصري ، ويبدو أن أمن مصرَ يأتي في ذيل قائمة اهتمامات نظام مبارك ،هذا إذا كان موجودا على القائمة أصلا ،ومما لا يمكن إغفال الحديث عنه هو دور النظام المصري في دعم الكيان الصهيوني في حربه على لبنان في صيف 2006 حتى أن الطائرة المصرية الوحيدة التي هبطت في مطار بيروت ، وكانت تقل نجل الرئيس كانت قد طارت في حماية طائرات العدو بعد أخذ الإذن من تل أبيب ، هذا غير إغضاء الطرف عن ممارسات الكيان الصهيوني في القرن الإفريقي ، والعمل وفق أجندة تقسيم السودان ، فأي نظام هذا الذي يحكم مصر؟ وإلى أي حد من العمالة والخيانة ذهب ؟ وما مقابل كل ما يقومُ به النظام المصري من جرائمَ لصالح قوى الإمبريالية والصهيونية العالمية ؟ لاشك أنّ المقابلَ هو البقاءُ في السلطة مهما بلغ حجم الاستبداد والفساد والإهدار لثروات الوطن الطبيعية وبيعها بأبخس الأثمان للصهاينة ، وفق عقود تثير الضحك من كثرة ما فيها من عوار ومخالفة لأبسط قواعد العقود والاتفاقيات الدولية ، كذلك وبدعوى جذب الاستثمارات فتح نظام مبارك أبواب البلاد على مصراعيها أمامَ الشركات المتعددة الجنسيات ، لتعيث في الأرض فسادًا وتحصل على كل شيء تريده مقابل عمولات ورشا تذهب إلى جيوب كبار المسئولين مباشرة دون مساءلةٍ ، حتى بعد الإعلان عن ذلك من قبل مسئولي هذه الشركات ، وسفراء دول يعملون بالوكالة كسماسرة لدى هذه الشركات ، كل هذا الإجرام غير المسبوق يرتكبه نظام مبارك في حق مصر والمصريين ،ولا يكتفي به ، فيقوم باتخاذ كافة التدابير التي من شأنها إخلاء مصر من المصريين ،وذلك بنشر الأمراض القاتلة فيما بينهم ،وذلك عن طريق تلويث الهواء وسرطنة الطعام والقضاء على أي رعاية طبية حقيقية يمكن أن تقدم لهذا الشعب،ناهيك عن أكذوبة البنى التحتية التي أصبحت أثرًا بعد عين ، كما لجأ النظام إلى سن ِجميع القوانين التي من شأنها جعل الحياة في بر مصر شبه مستحيلة بالنسبة لجموع المصريين ، فأي شرعية تبقى لنظام ِحكم ٍارتكب كل هذه الجرائم واقترفَ كل هذه الآثام ، إنها شرعية الغالب التي يروج لها علماء السلطان وأشياعهم من دعاة السلفية التقليدية ، والتي يفسح لهم النظام المجال للإسهام بدور فاعل في تغييب المصريين وإطفاء روح المقاومة لديهم ، فإلى أي هاوية سحيقة تهوي مصر ؟ الحقيقة أننا كلنا جميعا لا ندري .

الأحد، 31 أغسطس 2008

الجمعيات الأهلية بين مطرقة الأمن وسندان التضامن

تعاني الجمعيات الأهلية في مصر من واقع مرير ،حيث تعمل معظم الجمعيات في ظروف بالغة الصعوبة ،تتمثل في ضعف التمويل ،وأحيانا انعدامه ، وتضطر كثير من الجمعيات إلى الاعتماد على التبرعات من أجل تغطية النفقات ،في حين لا يكف موظفو وزارة التضامن عن ملاحقة هذه الجمعيات منذ أن تحصل على الترخيص بعد مشوار صعب وشاق وزاخر بالتعقيدات والملاحقة الأمنية والتفتيش في الضمائر والحصول على الموافقات التي لانهاية لها بداية من موافقة مباحث أمن الدولة والتي بيدها مقاليد الأمور ومرورا بالوزارات المعنية وغير المعنية وليس انتهاء بوزارة التضامن ،التي تبدأ بعد الحصول على الترخيص صفحة جديدة من الإجراءات بدءً من الزيارات المفاجئة للمقار وإحصاء كل ما فيها من أثاث وكتب ومنقولات ، والتي تعتبرها وزارة التضامن ملكا خاصا لها ، تستطيع في أي وقت أن تتهم المسئولين عن الجمعية بالتبديد إذا لم تجد هذه الأشياء داخل المقر في أي زيارة مفاجئة ، حيث لا يمل موظفو هذه الوزارة عن لعب دور الرقيب والحسيب والمفتش ، وفي كثير من الأحيان ما تدور الأحاديث بين مسئولي الجمعيات وموظفي وزارة التضامن عن أسباب هذه الملاحقات وتلك الزيارات وتكون الإجابة إن معظم هذه الزيارات يكون بتوجيه مباشر من مباحث أمن الدولة ،وهذه حقيقة واقعة لا تزييف فيها ولا إدعاء فوزارة التضامن ليست أقل شأنا من وزارة الأوقاف التي وضعت المساجد في قبضة أمن الدولة وكذلك فعلت وزارة التضامن في الجمعيات الأهلية، وكأن حق القبول والرفض الذي منحه القانون المعيب لهذه الوزارة ،كحق أصيل عند تأسيس الجمعيات لا يكفي للسيطرة عليها ، حتى تقوم أجهزة الأمن بالتدخل على هذا الوجه السافر لتقضي على البقية الباقية من روح الحياة في الجمعيات الأهلية ،حتى أنها تلجأ في بعض الأحيان لأساليب غاية في السخف مثل الامتناع عن الموافقة بسبب أن أحد الأعضاء المؤسسين تم اعتقاله سياسيا من قبل، وتشترط إبعاده حتى تتم الموافقة ، إلى غير ذلك من متهافت الأسباب ،والحقيقةأن ما تقوم به وزارة التضامن الاجتماعي في حق الجمعيات الأهلية بدعوى الإشراف ما هو إلا إتلاف متعمد لهذه الجمعيات ،وذلك لإبعادها عن القيام بدورها الحقيقي والفاعل في تقدم المجتمع وتطوره ،جنبا إلي جنب مع باقي منظمات المجتمع المدني التي يشن عليها النظام المستبد حربا لا هوادة فيها بالممانعة مرة ،وبالاختراق مرة وبالإفساد المتعمد مرات ومرات .

الاثنين، 28 يوليو 2008

إلى المعلم النبيل د/ المسيري


وبَعْضُ احْتِمَالي جُنونٌ
وبَعْضُ احْتِمَالك نَصْرْ
لكفين من أدمع ٍ وانتظار ٍ
تناسيتُ جُرحًا
يُساومُ مني النزيفَ
لِيرْسُمَ باقة َ ورد ٍ
على وجهِ نهرْ
أروم لعينيك نبضَ الحياةِ
أيمِّمُ صوبَ احتراقك
علّي أقرْ
أعناق فيك النشيد المرنم
منذُ اكتمالِ التمني
ومنذُ احتدام الخطرْ
أما زلتَ تركضُ تحلمُ تدنو
تُضِيء الدّروبَ كصبح ٍ أغرْ ؟
وتمرحُ قـُربَ انحسار الأغاني
وحيدًا كنجم ٍ
إذا ما تبدَّى
بُعَيْدَ انقضاءِ السفرْ
فتسأمُ من ألم الممكنات
وتجثو تداعبُ وجهَ القمر
أفي الموتِ شكٌ
تَنَادَيْتَ
صَوتك مِلءُ الهجير
ورجعُ صداه
يصوغُ رؤىً وفِكَرْ
فكيفَ ارتحلتَ ؟
وكيفَ تركتَ لقلبك أنْ يستريحَ
وأن يقتفيكَ على باب ِ مصرْ ؟

الجمعة، 11 يوليو 2008

قانون تنظيم البث الفضائي

تعمل الأنظمة القمعية الاستبدادية في الوطن العربي على تقنين كل ما من شأنه تكميم الأفواه من أجل مزيد من القهر والنهب المنظم وغير المنظم ،وللحقيقة فإن هذه الأنظمة القمعية وإن بدت متجبرة عاتية في الظاهر إلا إنها في حقيقة الأمر عاجزة ؛بل ويائسة ،إذ أنها لاتكتفي بالردة التي أحدثتها في جميع قطاعات المجتمع والدولة وما أحدثته من تخلف طال جميع المجالات ،فإذا بها تحاول أن تفعل ماليس لها به طاقة وليس للناس فيه أدنى احتمال خصوصا الشباب الذي أصبح الفضاء الالكتروني هو متنفسهم الوحيد ،وأنا شخصيا أرى أنهم غير جادين في هذا الشأن ،وذلك لأسباب عديدة أهمها نقص الكوادر التي تستطيع مجاراة الشباب في هذا المجال ،فدولة مصر مثلا التي تعتمد الواسطة والمحسوبية والرشوة في التعيين للوظائف ، آلت على نفسها ألا تستخدم سوى الجهلاء والمتخلفين عقليا وحضاريا إلا فيما ندر ،ولذلك ولكل ما تقدم أقول والله لن تفلحوا أيها الجرذان عتاة الاستبداد ، نحن لكم بالمرصاد .

الخميس، 10 يوليو 2008

عندما تغيب الدولة ?

لا يمكن أن يتصور عاقل أن هناك دولة تدعي أنها دولة مؤسسات تتحول فيها كل الملفات إلى ملفات أمنية ، والمضحك المبكي في الأمر أن تكون هذه الدولة قد عاشت لأكثر من ربع قرن تحت سطوة قانون الطوارئ وفي ظل غياب قانون الإجراءات الطبيعي ، مما جعل كفاءة الأمن فيها في أشد حالات التدني مما لايسمح له بالقيام بدوره الأصلي بأي درجة من الكفاءة فما بالك وقد ألقيت عليه كل ملفات الدولة ،وليس المطلوب هوحل هذه الملفات وإنما المطلوب هوالتعامل معها بالشدة والعنف اللذين أصبحا من أهم سمات رجال الأمن في بلدنا ، وبالطبع فإن الدولة التي تفعل ذلك لا تحفل بأمن مواطنيها بل تعتبرهم خطر على الأمن ، بل وتتهم من خرج منهم للتظاهر - وهو حق كفله الدستور- بتكدير الأمن العام ، وكأن الأمن العام كوب ماء يتكدر إذا أصابه شيء من غبار ،وهذا في الواقع هو مربط الفرس ، فالدولة المستبدة إذا طال بها العهد ،تتحول بفعل عوامل الزمن والتحلل إلى دولة مرتعشة ،ترتعد من مظاهرة يقوم بها عدة أفراد أو وقفة احتجاجية في شارع جانبي ، وتغضب إذا أدينت بانتهاك الحريات رغم أنها تفعل ذلك ليل نهار ، بل إن هذا الغضب يمكن أن يتحول إلى التهديد بقطع العلاقات ، وهي التي لاتمانع في أن تداس هيبتها في محافل عديدة دون أن تحفل ، دولة بهذا الوصف الذي نصف هي دولة غائبةلكن غيابها إنما يكون لصالح أفراد وجماعات بعينها لا هدف لهم سوى النهب والسلب لكل ما يقع في أيديهم ، وعندما تختفي هيبة الدولة يتجرأ الكل ويصبح المال العام وأراضي الدولة وثروات الوطن كلأ مباحا بشروط الخيانة بيع الأوطان ، وهذه هي إرهاصات الفصل الختامي الذي دائما ما ينتهي بنهايات مأساوية لاتخفى عواقبها على أحد فهل عرفتم ماذا يحدث عندما تغيب الدولة ؟

الخميس، 3 يوليو 2008

لانقول وداعا

سيبقى ظل المسيري طويلا وستمتد حياته لتصير أطول من حياة جلاديه ،سيشهد معنا قيامة مصر ،سيكون حاضرا في أول الصفوف ، سيراه أتباعه ومحبوه ،سيحيونه ويحييهم وسيتبادلون التهاني يوم أن تنفض مصر عنها تراب القبور يوم أن تنزاح غمتها يوم أن يبدل الله واقعها بآخر تتنسم فيه عبير الحرية ،سيبقى المسيري الرمز الذي لم يطاوله رمز يسخر من المستبد ويتحدث عن السرطان كأنه أنفلونزا يسأل عن النكات الجديدة ويضحك من أعماق قلبه كطفل لم يعرف يوما حزنا ولا كربا ، سيبقى مغردا بأغنيات البراءة ، سيرحل جلادوه إلى حيث يستحقون وسيبقى هو أكبر من الموت ،كما كان أكبر من المرض ، سيطلع جميلا باسما وسيقول لنا :لا تفقدوا الأمل وإن طال الطريق ،فالحق الذي دافع عنه سيبقى ما بقيت الحياة ،حتما سيعيش المسيري في قلوب من أحبوه ،وفي قلوب من لم يخذلوه ملء السمع والبصر شامخا كأشجار السرو على ضفاف النيل ،مشرقا كالنشيد الذي يتردد صداه في الآفاق ,الحبيب الدكتور المسيري نحتاج إليك لتشد على أيادينا ، لتشحذ عزمنا ،لتمنحنا السلوى أنت لا أحد غيرك ، تلهمنا حين نرتبك وتهدينا حين تتفرق بنا الطرق ،أبدا لا نقول لك وداعا ،فأنت حاضر في القلوب وماثل في العقول لاتبتعد إلا لتعود من جديد .. دمت لنا يا أعز الناس .

الاثنين، 21 أبريل 2008

رئيس الحكومة

الدكتور نظيف أطال الله قامته رجل لايتمتع بخفة روح على الإطلاق ،بل إن حضوره على شاشات التليفزيون يمكن أن يصيبك بالاكتئاب المزمن وهو علاوة على ذلك لا يستطيع أن يتخير ألفاظه عندما يتحدث بل تجده يلقي بالكلمات دون ضابط ولا رابط فهو تارة يتهم المصريين بأنهم غير ناضجين سياسيا وأنهم لم يصلوا بعد إلى مرحلة الرشد السياسي وتارة يتهم المصريين بقلة الفهم وتارة أخري يعلن متبجحا أنه لا هو ولا حكومتة المأفونة يقبلون بلي الذراع وكل ما يقوله الرجل لا أساس له من الصحة فكل معلوماته غير صحيحة وكل بيانات حكومته كاذبة وكل أرقامه بعيدة تماما عن الدقة ،فماذا يريد الدكتور نظيف ؟ ولماذا يصر مبارك على بقائه رغم أنف الشعب المصري الذي لم ير على مر تاريخه الطويل حكومة أسوأ من حكومة التكنوقراط التي يترأسها نظيف ؟ونستطيع أن نقول أن صفة العناد التي لازمت مبارك طوال حياته لازالت تعمل بكفاءة عالية ونستطيع أن نقول أيضا أن نظيف يدعم بقائه في السلطة عبر شبكة من العلافات ليست فوق مستوى الشبهات ونستطيع أن نقول أيضا أن مهام نظيف التي كلف بها لم تنتهي بعد حتى يرحل ،فما زال لدى المصريين القدرة على الحياة ،حتى في ظل هذه الظروف التي تستحيل فيها الحياة والتي أوجدها نظيف بسياساته وبرجال حكومته الذين لا يشتغلون للشعب المصري إلا في الأزرق فقط ويبدو أنهم جميعا يعانون من عمى الألوان ، ولا بد أن نذكر هنا مأثرة لنظيف لاينبغي السكوت عنها وهي سعة صدره في السماح للشركات الملوثة للبيئة والمطرودة من أمريكا وكندا وأوربا بالتواجد والعمل في مصر دون مراعاة للاشتراطات البيئية الدولية وذلك على أساس أن مصر كلأ مباح لمجرمي التلوث وعصابات غسيل الأموال وكل الفاسدين والمنحرفين وميتي الضمير في العالم كله ،والرجل يعطي موافقة دون الرجوع لجهات الاختصاص وكأنه صار هو الدولة والحكومة وكل شيء ، والحقيقة أن الدكتور نظيف وهو الحاصل على درجة الدكتوراه من إحدى الجامعات الكندية،لم يفد مصر بشيء من علمه الغزير - إن كان يعلم شيئا في الأصل - بل جر على مصر المسكينة وشعبها المكلوم الويلات التي لم تر لها مصر مثيلا طوال تاريخها المديد ... عزيزي الدكتور نظيف حل عنّا اعمل معروف.

الخميس، 10 أبريل 2008

ميلاد الثورة

شهدت مصر يوم 6 أبريل الجاري إضرابا شعبيا دعت إليه حركة كفاية ،واستجابت له قطاعات عديدة من الشعب المصري ،وقد خلت شوارع القاهرة وبعض المحافظات من الناس ،وقال بعض المراقبين أن الإضراب فاق جميع التوقعات مما أصاب النظام بالهلع ،وجعله وكعادته يطلق بلطجيته ليعيثوا في الأرض فسادا بهدف تشويه الإضراب ومن ثم إلقاء القبض على من دعوا إليه ومحاكمتهم بتهم ملفقة ، وبالأمس تم القبض على جورج إسحق أحد مؤسسي حركة كفاية بتهمة التحريض على الإضراب ، وما حد ث من اعتقالات سابقة إنما يؤكد أن النظام الاستبدادي الإجرامي يرتعد من تكرر تلك الهبات الشعبية ،وهو لخسته ووضاعته لا يرى إلا الحل الأمني ،إذ لا قدرة له على إقامة حوار مع أي فصيل من فصائل القوى الوطنية ،فحجتهم داحضة بعد أن كفروا بمصر ووصلوا بشعبها إلا حافة المجاعة ،ولم يعد أمامهم سوى استخدام العنف أمام شعب أعزل لم يعد ليطيق الحياة في ظل حكمهم الذي فعل بهم ما لم يفعله الاحتلال ، وأستطيع أن أوأكد أن الثورة ولدت بالفعل يوم 6 أبريل، وأن هذه الأيام التي نعيشها هي الأيام الأخيرة لنظام مبارك ، ولابد أن كثيرا من مسئوليه يعدون الآن حقائب السفر ويفحصون سلامة الطائرات الخاصة التي اشتروها بأموال مصر المنهوبة وحصيلة بيع أصولها الثابتة من مصانع وشركات وبنوك وعقارات وأراضي، وكرامة لايعرفون لها معنى ،إن آفة مبارك ونظامه أنه لايتعلم لامن أخطاء سابيقه ولا من أخطائه ،وكأنه مصاب بالعمى يقاد إلى حيث حتفه ، ولا شك أنهم يعلمون جميعا أن التوريث الذي كانوا يخططون له لن يحدث أبدا بل، إن مكاسبهم التي جنوها عبر ربع قرن ويزيد قد أصبحت في مهب الريح ولم يعد هناك ما يراهنون عليه سوى الهرب بما حصدوا من المال الحرام ،ولعلنا جميعا أيضا ندرك الآن مدى ضعف هذه العصابة وفساد أمرها ،وبقى أن يتحرر كل منا من خوفه ،ونخرج جميعا إلى الشارع في مظاهرة حضارية لنعلن للعالم سقوط نظام مبارك فهل نفعل ؟

الاثنين، 7 أبريل 2008

فخامة العنيد الأكبر

أعرف رجلا من رجالات السياسة والتعليم القلائل ، وعلمت أنه كان فعالا وإبجابيا في هذين المجالين قبل عام 1982 ،ولكنه عزف عن العمل بعد ذلك عزوفا كبيرا ،والتزم بيته وأنهى حياته السياسية بعد أن وصل إلى عضوية البرلمان المصري ، ولقد تحيرت كثيرا في أمر الرجل ، وكيف جرى له هذا التحول الكبير ، ومنذ أيام التقيت وصديق لي يعرف الرجل عن قرب ،فسألته عن الرجل وكنت قد دعوته غير مرة للمشاركة في عدة فعاليات ،ولكنه لم يحضر ،ويبدو أن أمر عزوف صاحبنا كان قد أرق صديقي أيضا ،مما اضطره لسؤال الرجل ،فأجابه أنه كان قد دعي بصفته عضوا في الهيئة البرلمانية للحزب الحاكم إلى إجتماع يترأسه الرئيس حسني مبارك عقب مقتل السادات مباشرة ،وفي اللقاء تمت مناقشة الأحداث الجارية والمتغيرات التي تستلزم مواجهتها الحكمة والصبر والهدوء ؛حتى لا تفلت الأمور من أيدي النظام ويحدث ما لاتحمد عقباه ،وفي هذا الأجتماع أبدى الرئيس مبارك تذمرا شديدا وأوضح أنه يختلف عن سلفه الراحل شكلا وموضوعا ،وأنه لايمكن أن يستجيب بحال للضغط الشعبي أو لمطالب المعارضة ،بل أن أوضح أنه سيتخذ قرارته المصيرية واضعا في اعتباره أن تكون دائما وأبدا ضد إرادة الجماهير ومطالب المعارضة وأضاف سيادته أن ذراعه لاتقبل اللي ،وأنه لن يستمع لرأي أحد ،فرأي سيادته من رأسه ،ولا سلطان لأحد عليه ........ إلى غير ذلك من الكلمات التي أكدت لصاحبنا أنه لا أمل يرتجى من الرجل ،وأن مصر في عهده ستدخل دوامة كارثية لن يستطيع أحد إلا الله تعالى إخراجها منها ..ترى هل حاد الرئيس مبارك عن هذا النهج بعد مرور أكثر من ربع قرن ،وهل هو مستعد أن يحيد عنه الآن ؟ أغلب الظن أن أمورا كثيرة قد تغيرت ،فحول الرئيس الآن مجموعة من رجال الأعمال يتزعمهم نجله ،يوسوسون له بكل ماهو ضد مصلحة مصر وشعبها المنكوب ،والرئيس يصغي لهم ويصدر قراراته على أساس ما اقترحوه ،غير أنه لازال على عناده القديم ،سادرا في غيه ،مسترشدا دائما وأبدا بأوامر سيد البيت الأبيض ،اللهم إلا فيما يخص قضية الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية في مصر ،أغلب الظن أيضا أن هذا هو الهامش المسموح له بممارسة لعبة الرفض فيه ،إن صاحبنا الذي اعتزل السياسة والحياة العامة لازال يعيش بيننا إلى الآن نراه وهو يشتري الجرائد اليومية في الصباح ،ونراه جالسا في حديقة النقابة التي ينتسب إليها،يطالع الصفحات الأولي في الجرائد الرسمية ؛ربما ليبحث عن أمل في التغيير فقده منذست وعشرين سنة فهل يجده ؟

الأحد، 6 أبريل 2008

الرئيس الأزمة

تباينت ردود الأفعال بعد اجتماع السيد الرئيس بالمجموعة الوزارية والسيد محافظ دمياط لمناقشة مشروع المصنع الذي يجري إنشاؤه على أرض رأس البر والذي يعتبر وجوده خطرا داهما على البيئة ،واستمع سيادته إلى كلمة الدكتور نظيف الذي قال أن حجم الاستثمارات في هذا المشروع تتجاوز المليار ونصف وأنه لا مجال للتراجع عن إنشائه حيث أن الأموال التي دفعت (راحت لأصحاب نصيبها ) ولا مجال لردها.وعندما تكلم محافظ دمياط وقال أن المشروع يمثل تدميرا للبيئة برأس البر وهي من أهم المناطق السياحية وحجم الثروة العقارية بها يفوق بكثير حجم الاستثمارات في هذا المشروع ، وأن هذا المشروع تم طرده من جميع دول العالم التي تحترم إنسانية شعوبها ، قام الرئيس الفذ بتعنيفه واتهامه أنه لا يفهم شيئا وأن تبنيه لهذا الموقف الرافض قد أثار الذعر في قلوب الأهالي ،وأن عليه أن يجند نفسه ومعه مجموعة من الوزراء المعنيين لإفهام الناس ما عميٌَ عليهم من حقائق حول أهمية هذه الصناعة وفائدتها لمصر ،وكونها آمنة ولا يترتب عليها أي أخطار ،كما طالب سيادته بسرعة شق قناة ملاحية جديدة لفصل مساحة 1000 فدان من رأس البر لإلحاقها بمجمع سيادته للبتروكيماويات ......... ليس في كل ما ذكرته مسبقا أدني تهريج بل هو الحقيقة بعينها ، فالرئيس الأزمة لا زال يفيض علينامن نبع حكمته الذي لا ينضب ، بل ويدلي بدلوه في مجال الهندسة فيأمر بشق القنوات وإعادة تقسيم المدن ، وفصل الشمال عن الجنوب بمانع مائي حرصا على حياة الناس ومستقبل أبنائهم ، ما هذه الحكمة المصفاة ،لا فض فوك ،وليمت حاسدوك ، نعم الرأي ما قلت به ،كيف تعامينا عن هذه لاالحقائق الناصعة التي توصلت إليها بحكمة قل أن توجد في هذا الزمان ، رغم أنك لم ترجع إلى دليل التفتيش على صناعة الأسمدة النتروجينية ،ولم تقرأ تقارير منظمة الصحة العالمية والتي أدرجت هذه الصناعة على رأس القائمة السوداء وربما لم تسأل عن قيمة رأس البر التاريخية والجغرافية والسياحية ، لم تطالع سطرا واحدا عن الموضوع ومع ذلك اتهمت شعبا بأكمله بالجهل ومحافظا هو في الأصل دكتور في الهندسة بعدم التدقيق قبل اتخاذ القرار ،ثم هـا أنت تصدر توجيهاتك ،لسرعة إفهام الناس ما لاطاقة لهم على فهمه ، وهو أن يموتوا في صمت دون ضجيج ربما يقض مضجع من عنده بقية من ضمير ، أيها الرئيس الأب دمت لنا ودامت لنا حكمتك التي هي مضرب الأمثال في كل زمان ومكان ... وحسبنا الله ونعم الوكيل .

الثلاثاء، 1 أبريل 2008

نظام قتل المصريين

سمعت اليوم نكته سوداء تقول أن عبد الناصر استطاع أن يخرج الإنجليز من مصر ،واستطاع السادات – الذي أبغضه بشده- أن يخرج الإسرائليين من مصر أما مبارك فقد استطاع وبجدارة أن يخرج المصريين من مصر ،هكذا إذن يواجه المصريون نظام الحكم المستبد بالسخرية اللاذعة والتنكيت الذي لايخلو من خفة ظل واضحة يكتنفها السواد ،ونستطيع أن نطلق على نظام مبارك أنه نظام قتل المصريين ، ودليلنا في ذلك الإحصاءات الرسمية التي تؤكد أن عدد المصريين الذين لقوا حتفهم قتلا وشنقا وإحراقا وإغراقا وإمراضا وبطرق أخرى خلال السبعة والعشرين عاما الماضية ،هم أكثر وبكثير ممن قدمتهم مصر على مذبح الشهادة خلال حروبها الطويلة ضد الكيان الصهيوني ناهيك عن الأعداد التي لايعلمها إلا الله التي هاجرت إلى مختلف دول العالم والتي تقول بعض التقديرات أنهم يتجاوزون الملايين الخمسة ، والحقيقة أنني لاأفهم غاية العصابة التي تحكم مصر من تفريغها من سكانها ، وربما أعزو ذلك إلى أنهم يريدون تأجيرها بنظام الشقق المفروشة أو بيعها كما هو حادث ببخس الثمن ، واللا فت للنظر هو أن عجلة الإبادة التي تديرها الطغمة الحاكمة بدأت تسرع في دوراناها بشكل كبير ، وكأنه لم يعد مرضيا لهم أن يحرق بضع مئات في قطار أو أن يغرق ألفا في البحر أو أن يسجن ثلاثون ألفا في المعتقلات في ظروف هي أقرب للموت منها إلى الحياة، فتفتق ذهنهم عن طريقة سريعة للإبادة ألا وهي استقدام مصانع الموت التي طردت من جميع دول العالم المتقدم وبعض دول العالم النامي (الأرجنتين نموذجا )لتعمل في مصر ولتصدر إنتاجها بالكامل للخارج ، وعلى سبيل المثال فإن الشركة الكندية (أجريوم ) والتي منحت ترخيصا بإقامة مصنع للأسمدة النتروجينية في مصر(منطقة رأس البر بدمياط ) والتي أعطيت أيضا امتياز إنشاء رصيف خاص داخل الميناءلتصدير إنتاجها دون عمل مزايدات أوخلافه ، كانت قد حصلت على موافقات الجهات المختصة ، رغم أن الأعمال الفعلية التي تقوم بها الشركة تخالف كل ما ورد في دراسة تقييم الأثر البيئي والتي قدمتها الشركة لجهاز شئون البيئة ،كما أنها ستستخدم مياه عذبة بمعدل (1200متر مكعب /ساعة) فانظر كيف تهدر مياه النيل بينما المصريون يموتون عطشا في قرى الدلتا وكانت الشركة قد أعلنت أنها سوف تستخدم مياه البحر في عمليات التبريد اللازمة للإسالة ، ونحن نعلم تمام العلم كيف تم تمرير هذه الموافقات ولصالح من ،والهدف واضح ألا وهو تكديس الثروات حتى ولو كان الثمن حياة ملايين المصريين ،بل وتدمير البيئة نفسها ومن ثم إعادة مصر بكاملها مئات السنين للوراء ، ويبدو أن مبارك قد عدل خطته أخيرا حتى يحقق هدفه المنشود ألا وهو إفراغ مصر من المصريين ليس بإخراجهم منها بل بإخراجهم من الحياة كلها إن استطاع ،ووالله ماهو بمستطيع .

الاثنين، 17 مارس 2008

الرئيس يؤكد

أكد الرئيس مبارك أن رغيف الخبز لابد أن يتاح للمصريين وتختفي ظاهرة طوابير الخبز خاصة وأن الاحتياطيات النقدية بالبنك المركزي المصري قد ارتفعت إلى مستوى غير مسبوق يكفي لاستيراد حاجة مصر من السلع الغذائية كما أن مخصصات الدعم قد زادت وهى متوفرة، كما يتوالى الاستيراد للسلع الغذائية. جاءت تلك التصريحات خلال اجتماعين متتاليين للرئيس مبارك في إطار الاجتماعات التي يعقدها مع المجموعات الوزارية لمتابعة أداء الحكومة- تعلق الأول ببحث قضايا السيطرة على الأسعار في السوق المصري وبخاصة أسعار السلع الغذائية الأساسية ورغيف الخبز على وجه الخصوص، فيما تعلق الاجتماع الثاني بالإعداد للمؤتمر القومي لتطوير منظومة التعليم والذي سيعقد في أبريل القادم .يتمتع رئيسنا المحبوب بخصال كثيرة -ربما- لا ينازعه فيها أحد ،وهو لايتوانى عن إضافة خصلة جديدة كلما سنحت الظروف ،وتصريحات سيادته السابقة لاتخلو من خفة ظل وطرافة يتوجب علينا أن نتوقف عندها ،فالرجل التي صارت حكمته مضرب الأمثال في كل زمان ومكان ارتأى أن يتدخل بنفسه لحل أزمة الخبز بعد أن عجز مسئولوه عن حلها ،وبعد أن تفاقمت المشكلة وأصبح من العسير طرح الحلول لها كان من حق الشعب المصري أن يتدخل رئيسه المحبوب لحل المشكلة بنفسه ،وكما تدخل فخامته سلفا واستطاع أن يحل مشكلة تلوث مياه الشرب ومشكلة تسرطن الخضراوات والفاكهة ومشكلة الكابتن عصام الحضري ها هو ذا لايحرمنا حكمته في حل مشكلة الخبز ،وذلك بعد أن قتل الناس في مصر بعضهم بعضا في طوابير العيش وكأن الوزراء الذي عينهم سيادته بالأمر المباشر مجموعة من العجزة متبلدي الحس قاصري الفهم ،ولا يستطيعون إيجاد الحلول ،فلماذا لايقيلهم سيادته ،فيقيل بذلك عثرة المصريين وله الأجر والثوب عند الله ،إن ما يتمتع به الشعب المصري في ظل نظام الرئيس مبارك ،لهو شيء يفوق الخيال ، ويبدو أن رغد العيش الذي يرفل فيه المصريون قد حرضهم على افتعال تلك المشكلات ربما بدافع الملل من الوفرة التي يعيشون فيها ، إن رئيسهم المحبوب والذي بلا شك يصل الليل بالنهار من أجل العمل على راحتهم وإسعادهم لن يتوانى يوما مهما طال به الأجل عن حل مشكلاتهم التي يبتدعونها ابتداعا ويختلقونها اختلاقا ، وهنا لابد أن نسأل لماذا يصبر الرئيس مبارك على شعب دأب ومنذ سبع وعشرين سنة على افتعال المشاكل واختلاق الأزمات ؟ولماذا أبدى نظامه الرشيد نوايا توريث السلطة إلى نجله الفذ ؟ في هذا الأمر تحديدا -ربما -لانجد نهاية للأسئلة التي تطرح نفسها دون جواب هل يبلغ الإيثار وإنكار الذات بشخص هذا المبلغ ؟ لقد حرم الرئيس المحبوب نفسه من متع الحياة قانعا بأن التضحية هي طريقه الوحيد ،وها هو يضع ابنه على الطريق نفسه ،فأي عظمة بعد ذلك ، إن نظامه الذي يحارب منفردا منذ سبع وعشرين سنة من أجل توفير كوب ماء نظيف ورغيف خبز يصلح للاستخدام الآدمي أوشك أن يصل إلى مبتغاه ،فلماذ هذه الأصوات الموتورة التي تنعق في الخراب ضد رئيسنا العظيم ونظامه الرحيم وضباطه وعسكره الذين يبارون ملائكة الرحمة في الرقة والعذوبة والأدب الجم ،لماذا هذا التحامل غير المبرر ؟ألا تستحون .

الاثنين، 10 مارس 2008

لماذا ينتحر الجنود الأمريكيون

شهدت الأيام القليلة التي مضت من عام 2008 انتحار 121 جندي أمريكي وهي نسبة كبيرة بلا شك وقد عزي المسئولون ذلك إلى حالة الإرهاق الشديدة التي يعاني منها هؤلاء الجنود ،ولكننا نري أن هذا الإعزاء هو حلقة من سلسلة الكذب وخداع الرأي العام التي دأب المسئولون الأمريكيون عليها منذ بداية ولاية بوش الأولى وربما قبلها ،والحقيقة أن السبب في حالات النتحار التي انتشرت في صفوف القوات الأمريكية إنما يرجع إلى غياب الهدف النبيل في كل ما يقوم به الجيش الأمريكي من عمليات ،وغياب هذا الهدف دائما ما يؤرق الجنود ويدفعهم في أحيان كثيرة إلى الهرب من الميدان ،بل ومحاولة التخلص من الحياة ذاتها ،إن الأكذوبة الأمريكية التي قامت على التفوق تهاوت في العراق وفي أفغانستان بل وفي الصومال قبل أعوام،والحقيقة أن الجندي الأمريكي الذي يتم تدريبه على أعلى المستويات يفتقر إلى الروح القتالية ناهيك عن فقدانه للإيمان بعدالة القضية التي يحارب من أجلها ولذلك فقد أكدت العديد من الدراسات الجادة في هذا الشأن أن العمل على الإعداد النفسي للجنود أهم بكثير من الإعداد القتالي ، ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية التي أدمنت الكذب وإخفاء الحقائق لايعنيها في قليل أو كثير أن تفقد أعدادا كبيرة من جنود أغلبهم من المرتزقة والمتجنسين ،والمثير في الأمر أن الشعب الأمريكي لم يعد يتحرك ضد آلة الحرب الإجرامية التي تديرها الإدارة الأمريكية رغم أن كثير من المثقفين الأمريكيين مثل المخرج مايكل مور مازالوا يناضلون من أجل أن يثبتوا أن الإدارة الأمريكية كانت ولازالت هي السبب المباشر في وقوع الأحداث الأنتقامية التي تستهدف الأمريكيين في أرجاء العالم وليس من نافلة القول أن غياب بوش عن الساحة السياسية لن يغير من الأمر شيئا فكلنا يعلم مدى توغل اللوبي الصهيوني في أروقة البيت الأبيض كما أن أمريكا وهي بالقطع دولة مؤسسات لا تغير استراتيجيتها بتغيير الأشخاص ،وإن كان من المسلم به أن هناك بعض التغييرات يمكن أن تحدث ولكن على نطاق ضيق أن الإدارة الأمريكيةبما تقترفه في حق الشعب الأمريكي وفي حق شعوب الأرض تضرب مثلا واضحاعلى أن منجزات الشعوب يمكن أن تضيع في لحظة إذا سلمت قيادها لحفنة من لصوص النفط والذين سترد أسماؤهم في القوائم السوداء في سجلات التاريخ.

الأحد، 9 مارس 2008

على من يضحكون

يستطيع النظام المستبد أن يجتاز كل المآزق التي يتعرض له بكفاءة عالية ،فلديه من الدجالين ذخيرة لابأس بها ، وكما يقول المثل العربي (( ما تكرر تقرر)) لذلك فهؤلاء المتكلمة وأن جاءوا ببضاعة مزجاة وثرثرة لابرهان لهم عليها إلا أنهم لا يكفون عن إعادة هذا الهراء على أسماعنا ليل نهار حتى تستقر في الأذهان كل فرية يفترونها وكأنها الحقيقة الناصعة ، لذلك وفي رد فعل طبعي أصم الشعب آذانه عن تصريحاتهم وأستغشي بالي الثياب حتى لا يرى وجوه النكد التي تتبوأ سدة المناصب الرفيعة لتتبول من فوقها على رءوس الشعب إفكا ليس محكما ؛لكنه يؤدي دوره ،وهنا يلح السؤال على من يضحك هؤلاء ؟ لاأحد يصدقهم على الإطلاق كلما أمعنوا في الكذب كلما بانت سوءاتهم وكلما أوغلوا في الغي كلما رأى الناس أنهم أضل خلق الله فعلى من يضحك هؤلاء ؟ هؤلاء لا يضحكون إلا على أنفسهم لأنهم لو واجهوا الحقيقة فربما أحرقوا أنفسهم إن كان قد بقي لديهم شيء من ضمير، وطالما أن الشعوب تظهر دائما أن اللعبة قد انطلت عليهم فلماذا لايستمر هؤلاء المهرجون في لعب هذه الأدوار العابثة وقد تجملوا وبالغوا في وضع الأصباغ حتى وكأنهم يهزلون في مواضع الجد ،ومنذ أيام قرأت مقالا يسأل فيه كاتبه لماذ ا يبدو ممثلوا الحزب الحاكم متجهمين دائما ؟ وافترض الكاتب أن التجهم إنما يحدث بأوامر عليا وأن ذلك ربما يكون لإشعار الجماهير أنهم إنما ينوؤن بما يتحملون من مسئوليات خطيرة تنوء بحملها الجبال ، والحقيقة أن المبالغة في التجهم هذه تثير ضحك الشعب وتحفزه على إطلاق النكات اللاذعة ولا تؤدي دوراإيجابيا على الإطلاق فإذا تجهم الندل آسف أقصد النجل يفسر الشعب ذلك أنه لم يعد يطق صبرا على تحقق أمنيته و إذا تجهم الأمين العام الذي ليس لديه أمانة على الإطلاق ،فذلك بسسب أن عائداته هذا الشهر لم تحقق ما كان يتوقعه وهكذا ،إن هؤلاء الجاثمين على كواهلنا أصبحوا في حال لا يستطيعون معها فكاكا مما هم فيه من فيض الوضاعة، فهم لصوص كذبة عاهرون وشواذ وشذاذ آفاق وعملاء وقوادون ومرتشون وغير ذلك فماذا ننتظر منهم ؟

الجمعة، 7 مارس 2008

الأمل المفقود

كيف نستعيد الأمل الذي فقدناه ؟كيف يمكن لنا أن نغرس فسائله في أرواحنا من جديد ، لقد سدوا أمامنا آفاق التغيير وأصبحت مصر في حالة من حالات الغياب رغم حضورها الاعتباري بين الدول في الأمم المتحدة وفي الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر وغيرها ، وجود مصر أصبح اعتباريا وشعب مصر تمت إحالته للمعاش المبكربعد الإصابة بالعجز الكلي ،تخيل معي شعبا يصاب بالعجز الكلي ولا تتحرك فيه إلا عيون تتمثل في الحركات الشعبية المحدودة مثل كفاية وأخواتها ذات التأثير المحدود وحركات فئوية تتحرك من أجل مصالح خاصة كعمال المحلة وغيرهم ، والعصابة الحاكمة لاتلتفت إلى هؤلاء وهؤلاء سوى بالقمع والاعتقالات ولاتفرق بين صغير أوكبير ،فيتم اعتقال الدكتور المسيري وهو قامة فكرية حقيق بنا أن نباهي به الأمم ويلقي وهو مريض في الصحراء ، أي إجرام هذا وأي استهتار ، إن مصر وهي على أبواب المجاعة لايستطيع شعبها أن يستلهم روح يناير 77 وكأن عجزه أصبح داء عضالا لابراء منه ،فهل نقول للحالمين لاتنتظروا الفجر؟ أم أن هناك ثمة أمل يولد في الخفاء ولا تستطيع عيوننا الكليلة أن ترقب لحظة قدومه لا أخفي عليكم مازال يحدوني الأمل .

الخميس، 6 مارس 2008

دولة الظلم

تسود حالة من اليأس قطاعات واسعة من الشعب المصري ، وهذه الحالة لها أسباب كثيرة لا تخفى على أحد- لسنا
بصدد سردها الآن - بينما أشواق التغيير التي داعبت أحلام الناس قرابة ربع قرن أو يزيد آخذة في التلاشي مع اقتراب المرحلة النهائية لعملية التوريث المهينة التي يخطط لها مبارك ونجله ومن حولهما من المنتفعين الذين أحالوا مصرنا خرابا لا لشيء إلا لجني المال الحرام حتى ولو كان الثمن دماء هذا الشعب الذي هان وهان واستمرأ الهوان ،ليعمل فيه هؤلاء ا لمجرمون آلة القتل إغراقا وإحراقا وصدما ودهسا وغير ذلك ممالا نعلمه ويعلمه زبانية الظلم وجلاوزة الطاغوت. ماذا ننتظر حتى نتحرك جميعا لإزاحة هذا الكابوس ؟ بعضنا ينتظر ثورة الجياع التي لن تبقي ولن تذر والبعض يمني النفس بتفاقم ذلك الصراع المتوهم بين أجنحة الحزب الحاكم وهل يمكن أن ينجم عن هذا الصراع أي خير يمكن أن يناله هذا الشعب المسكين ؟ إن من ينتظر من هؤلاء أدنى رحمة هو كمن يطلب الماء في الصحراء اليباب. كنت أتحدث فيما مضى عن عصبة الإفك تلك فأسميهم (النظام) ولكني عندما تأملت الكلمة رأيت أن أي نظام في العالم مهما بلغ من الطغيان والتجبر لابد أن يكون له ثوابته الوطنية التي لايمكن تخطيها مهما كانت الظروف،أماعصبة البغي هذه فهي لا تعرف للقيم معنى ولا للثوابت عنوان فكيف نسميها نظاماالحقيقة أنهم عارعلى البشرية،وحسبنا ما قام به هؤلاء من دعم غير محدود للكيان الصهيوني في حربه الإجرامية على لبنان وكل ما ساقوه من مبررات لا تعدو كونها تعلات مومس أدمنت مهنة الدعارة بكل أنواعها،ولن يستطيع أحد مهما قال أو كتب أن يوفيهم حقهم فهم أدنى من ذلك وأحط في العام الماضي قام أعضاء من حركة كفاية بكنس مسجد السيدة زينب وإيقاد الشموع للسيدة العذراء تقربا لله عسى أن يزيح عنهم وعنا عصبة الشؤم تلك ،وبنظرة متعمقة لهذا الفعل ثار في نفسي هذا التساؤل ،لماذا لا يتقرب الشرفاء من هذه الأمة المنكوبة بكل أعمالهم الصالحة إلى الله بنية واحدة صادقة ولسانهم يلهج بهذا الدعاء " اللهم إني أتقرب إليك بهذا العمل ابتغاءرضاك ورحمتك وعفوك وأن تزيح عنا شؤم الحاكم الباغي إنك على ما تشاء قدير " 0أزعم أن ابن الخطاب لو كان بيننا الآن لأوصانا " علموا أولادكم الثورة على البغاة ،والهبة في وجوه المجرمين العتاة ،والصبر في سبيل الحرية المبتغاة ". إلى الدكتور عبد الحليم قنديل المناضل المعلم :هامتك سيدي لن يطالها جرذان السلطان ،فهم ورغم كل محاولاتهم الحقيرة لم يصلوا بعد إلى شرف ملامسة نعلك .