الثلاثاء، 13 يناير 2009

ماذا تريد إسرائيل من الحرب ؟


الآن وبعد مرور قرابة الأسابيع الثلاث من الحرب الصهيونية على غزة هل يمكن لنا أن نحاول فهم دوافع هذه الحرب غير المسبوقة ومراميها وهل كان الهدف الوحيد منها هو القضاء على حماس ؟ أم أن هناك دوافع أخرى وأسبابا خفية دفعت آلة الحرب الصهيونية للتحرك بهذا الشكل ؟ هناك أقاويل كثيرة داخل إسرائيل تتردد حول أن إيهود أولمرت هو المعني بمواصلة القتال لكي يتم تأجيل موعد الانتخابات ، ومن ثم دعم موقف حكومته ،بينما يرى آخرون أن الجنرال يواف جالانط قائد المنطقة الجنوبية هو الذي يدفع باتجاه التصعيد والشروع بالمرحلة الثالثة من خطته العسكرية التي عكف على إعدادها لثلاث سنوات، وفقاً لمصادر إسرائيلية،كما اعتبر هو نفسهً أن عدم اتخاذ مثل هذا القرار(قرار التصعيد) هو خطأ تاريخي. ، كما صرح شمعون بيريز في كلمة ألقاها أمام جنود احتياط في قاعدة التدريبات العسكرية في تسئيليم، أن الدول العربية ترغب في أن تحقق إسرائيل النصر في قطاع غزة، ليس محبة لها بل لأنها لا ترغب في أن يسيطر 35 مليون إيراني على 350 مليون عربي. ويمكن القول أن دوافع الحرب على غزة غير واضحة حتى داخل إسرائيل نفسها ، وليس القضاء على حماس ، لما تثيره من مخاوف لدى إسرائيل و بعض دول الجوار العربي ، هو الهدف الوحيد ،وإن كان وحده هو الهدف المعلن ،كما أن الحرب على غزة وإن بدت حربا إقليمية تسعى فيها إسرائيل لإضعاف المقاومة ،إلا أن شواهد كثيرة تؤكد ضلوع أطراف عربية ودولية فيها ، ويرى البعض أن إنهاء المقاومة المسلحة في فلسطين كان على جدول أعمال إدارة بوش ، وأنه تأخر بسبب ما تواجهه القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان ،وما أحدثته الأزمة المالية العالمية من تداعيات أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد الأمريكي ،وربما تمثل الحرب على غزة شكلا من أشكال الاستجابة الفورية لإدارة بوش التي تسعى للخروج بشكل يحفظ لها بعض ماء الوجه ، وربما كانت استجابة غير مباشرة لأطراف عربية ترى في وجود حماس خطرا يهدد أنظمتها ويسعى جاهدا لتصدير الثورة إليها ، مما يطرح علينا سؤالا هاما ،هل الحرب على غزة هي حرب بالوكالة لصالح أطراف أخرى امتنعت عن المشاركة الفعلية ؛ لأسباب مختلفة ؟ أم أنها حرب تهدف إلى جر أطراف بعينها كإيران مثلا لاتخاذ مواقف قد تعجل بتوجه ضربة شديدة لها ، المؤكد أن تلك الحرب قد توفرت لها العديد من الظروف ؛ لتكون الأعنف في تاريخ دولة الكيان الصهيوني ، فمن جانب هي بمثابة الفعل الأشنع الذي لا يقبل المزايدة من قبل اليمين الإسرائيلي ،ومن جانب آخر فإنها تمثل محاولة جادة لإعادة ترتيب الأوضاع على الأرض قبيل جولة ماراثونية جديدة لمباحثات السلام برعاية الإدارة الأمريكية الجديدة ، كما أنها – أي الحرب – تكون قد مهدت لأدوار جديدة تقوم بها دول الاعتدال العربي ، ستكون أكثر وضوحا في التعامل مع القضية الفلسطينية في غياب دور المقاومة ؛ تكريسا لدور السلطة الفلسطينية الطامح لإقامة الدولة الفلسطينية وفق الشروط الأمريكية والإملاءات الإسرائيلية ، والمؤكد أن أيا من الأهداف السابقة لن يتم تحقيقه على المدى القريب ، مما يؤكد أن الحرب على غزة هي حرب تكتيكية في المقام الأول ، تسعى إلى إحداث أكبر قدر من الإرباك في صفوف المقاومة ، دعما لإعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع ، وتمهيدا لتنفيذ مخططات تجفيف منابع المقاومة فيه ، واللافت للنظر أن كثيرا من تقديرات الإسرائيليين غير دقيقة ، وربما تؤدي إلى شيء قريب مما حدث في صيف 2006 م والفارق أن المقاومة اللبنانية كانت قد حصلت على دعم غير محدود من إيران وسورية ،بينما تلقى المقاومة الفلسطينية أشد العنت بسبب إحكام الحصار ،وإغلاق المعابر ، غير أن ما ستسفر عنه الأيام القادمة سيعلن وبشكل واضح فشل هذه الحرب الإجرامية في تحقيق أهدافها ، وإنَّا لمنتظرون .