الأحد، 31 أغسطس 2008

الجمعيات الأهلية بين مطرقة الأمن وسندان التضامن

تعاني الجمعيات الأهلية في مصر من واقع مرير ،حيث تعمل معظم الجمعيات في ظروف بالغة الصعوبة ،تتمثل في ضعف التمويل ،وأحيانا انعدامه ، وتضطر كثير من الجمعيات إلى الاعتماد على التبرعات من أجل تغطية النفقات ،في حين لا يكف موظفو وزارة التضامن عن ملاحقة هذه الجمعيات منذ أن تحصل على الترخيص بعد مشوار صعب وشاق وزاخر بالتعقيدات والملاحقة الأمنية والتفتيش في الضمائر والحصول على الموافقات التي لانهاية لها بداية من موافقة مباحث أمن الدولة والتي بيدها مقاليد الأمور ومرورا بالوزارات المعنية وغير المعنية وليس انتهاء بوزارة التضامن ،التي تبدأ بعد الحصول على الترخيص صفحة جديدة من الإجراءات بدءً من الزيارات المفاجئة للمقار وإحصاء كل ما فيها من أثاث وكتب ومنقولات ، والتي تعتبرها وزارة التضامن ملكا خاصا لها ، تستطيع في أي وقت أن تتهم المسئولين عن الجمعية بالتبديد إذا لم تجد هذه الأشياء داخل المقر في أي زيارة مفاجئة ، حيث لا يمل موظفو هذه الوزارة عن لعب دور الرقيب والحسيب والمفتش ، وفي كثير من الأحيان ما تدور الأحاديث بين مسئولي الجمعيات وموظفي وزارة التضامن عن أسباب هذه الملاحقات وتلك الزيارات وتكون الإجابة إن معظم هذه الزيارات يكون بتوجيه مباشر من مباحث أمن الدولة ،وهذه حقيقة واقعة لا تزييف فيها ولا إدعاء فوزارة التضامن ليست أقل شأنا من وزارة الأوقاف التي وضعت المساجد في قبضة أمن الدولة وكذلك فعلت وزارة التضامن في الجمعيات الأهلية، وكأن حق القبول والرفض الذي منحه القانون المعيب لهذه الوزارة ،كحق أصيل عند تأسيس الجمعيات لا يكفي للسيطرة عليها ، حتى تقوم أجهزة الأمن بالتدخل على هذا الوجه السافر لتقضي على البقية الباقية من روح الحياة في الجمعيات الأهلية ،حتى أنها تلجأ في بعض الأحيان لأساليب غاية في السخف مثل الامتناع عن الموافقة بسبب أن أحد الأعضاء المؤسسين تم اعتقاله سياسيا من قبل، وتشترط إبعاده حتى تتم الموافقة ، إلى غير ذلك من متهافت الأسباب ،والحقيقةأن ما تقوم به وزارة التضامن الاجتماعي في حق الجمعيات الأهلية بدعوى الإشراف ما هو إلا إتلاف متعمد لهذه الجمعيات ،وذلك لإبعادها عن القيام بدورها الحقيقي والفاعل في تقدم المجتمع وتطوره ،جنبا إلي جنب مع باقي منظمات المجتمع المدني التي يشن عليها النظام المستبد حربا لا هوادة فيها بالممانعة مرة ،وبالاختراق مرة وبالإفساد المتعمد مرات ومرات .