الثلاثاء، 16 سبتمبر 2008

الدعوة السلفية والإخوان

ردا على مقال " السلفية البديل الأسوأ للإخوان " للكاتب نبيل شرف الدين المصري اليوم 16 سبتمبر2008.
يَتَصَدَّى الكثيرُ من الكتابِ للحديثِ عن الجماعاتِ الإسلاميةِ ،وما يسمى بالإسلام ِالسياسي ، دونَ أنْ يكونَ لديهم أدْنَى معرفةٍ بتاريخ هذه الجماعات ،وما تُؤْمنُ به من أفكار ٍ، وأظنُ أنَّ بعضهم يستقي معلوماته من الأفلام ِ التي أنتجتها السينما المصرية عن هذه الجماعات ،والتي تمثل إدانة ً لصانعيها ،لما تحويه من كذب ٍوافتراءٍ واجتراءٍ على الإسلام نفسِه ،ولا يقومُ دليلٌ واحدٌ على صحةِ ما جاءَ فيها ،غيرَ أنَّها عَبَّرَتْ وبشكل ٍأمين عن حقدٍ أسودَ على الإسلام وأهله ، ولنعدْ إلى هؤلاء الكُتَّابِ ،ومنهم الأستاذ نبيل شرف الدين والذي يَعْمَدُ دائما إلى خلط ِالأوراق؛ للخروج بنتيجةٍ ترضي رؤيتَه المُسْبَقـَة َ ،والتي َتَحْكُمُ دائمًا على ما يكتبُ بالبعدِ عن الموضوعية والإغراق في الجدل العقيم ، ويستلزمُ ذلك دائمًا منه اللجوءَ إلى وضع الافتراضات التي تُخَاصمُ الحقيقة َوتخالفُ الواقعَ ،وهو دائمًَا ما يضطر في سبيل ذلك إلى ذكر معلوماتٍ غيرَ صحيحةٍ على الإطلاق ، فالدعوة السَّلَفِيَة التي تفضل بالحديث عنها ظهرتْ في مصرَ منذ أوائل السبعينات ، والسَّلَفِيَة ُالمصرية ُ- إذا جازَ التعبيرُ- لم تعرف منذ هذا التاريخ استخدامًا للعنف أو مواجهة ً للنظام ، فالمرجعية ُ السلفية ُ التقليدية ُترى أنَّ الخروجَ على الحاكم ِغيرَ جائز ٍ في كافة أشكاله وصوره ، ويرون أنَّ الحاكمَ الظالمَ المغتصبَ للسلطةِ ،له شرعية ُ الغالب ِ، ويجبُ له السمعُ ،كما تجبُ له الطاعة ُ ، كما أنَّهم يذهبونَ إلى أنَّ من خلعَ بَيْعَتَه- أي الحاكم- ماتَ ميتة ًجاهلية ً، والواضحُ أنَّ أ/نبيل شرف الدين لم يقرأ في كتب الفكر السلفي ، وربما اطلع على بعض الكتابات عنه ، ومما يثيرُ الأسفَ أن يخلط َالكاتبُ بعد ذلك بينَ جماعةِ الجهادِ والجماعةِ الإسلاميةِ في قضيةِ المراجعات على ما بينهما من تباين ٍفي التوجهِ وطرائق ِالاجتهاد الفقهي ،والتطبيق ِالعملي لما يؤمنون به من أفكار ٍومعتقدات ٍ، وأودُ أنْ أسوقَ فقرةً مما كتب أ/نبيل في مقاله ، وأرجو من القارئ العزيز أنْ يُعْمِلَ التفكيرَ فيها ،عَـلَّه يصلُ لشيءٍٍ يقول :-
وبعد مرور عشر سنوات علي مراجعات قادة «الجماعة الإسلامية» لمعتقداتهم الراديكالية، وإعلانهم التخلي عن العنف، قفز الإخوان علي الساحة في انتهازية تمثل تراثاً سياسياً لدي الجماعة منذ نشأتها، لهذا بحثت دوائر التفكير داخل النظام عن معالجة إستراتيجية لهذا المدّ الإخواني، الذي يشكل بالفعل خطراً داهماً علي الأمن القومي لبلد متعدد الأديان والثقافات كالمجتمع المصري.
ومن المعروف أن مراجعات الجهاد بدأت في أواخر التسعينات ، وتم تداولها على نطاق واسع مع بداية الألفية ، ولم تلق هذه المراجعات قبولا لأسباب عديدة منها أنها كتبت تحت وطأة عصا الجلادين ،لتكون خلاصا من لجج السجون ، غير أنها خرجت من طور المراجعة إلى شكل من أشكال الردة الكاملة عن الأفكار والمعتقدات والأفعال ، ولست الآن بصدد تقييمها ، لكن النكتة أن الكاتب يربط بين ظهور المراجعات ، وقفز الإخوان الانتهازي إلى مسرح الأحداث ، فهل يقول بذلك عاقل ؟
ثم النكتة الأهم عن دوائر التفكير داخل النظام ،والمعالجة الإستراتيجية للمد الإخواني ، ويبدو أن الكاتب لم يعد ينزل إلى الشارع ،ليرى بنفسه انحسار وجود الجماعة والرفض الشعبي لها ، ناهيك عن اتهامه للنظام بأنه يفكر ويضع الإستراتيجيات لاستخدام السلفيين لوقف المد الإخواني ، وهذا ربما ظهر بشكل جلي على مستوى الإعلام ، وهذا مما لا يستطيع النظام المستبد ردعه في زمن السموات المفتوحة ، نهاية لابد أن أوضح للكاتب أن الدعوة السلفية لا تعترف بالتنظيم ولا تقره ،وتراه شرا مستطيرا ، لا يجب اللجوء إليه مهما كانت الأسباب ، كما أن السلفيين - في مجموعهم - لا يهتمون بمتابعة الشأن العام ولا يطالعون الصحف ، بل ويذهب فريق غير قليل منهم إلى حرمة اقتناء أجهزة التلفزة ، وهم لذلك لا يعيرون النظام أدنى اهتمام مع إقرارهم بأن الهلاك هو مصير من يخالف شرع الله وسنة رسوله ، والأدهى والأمر من ذلك هو قولهم في الوطنية حيث يرون أنها جاهلية ،وأنها صورة من صور العصبية التي نهى عنها الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، والحديث عن الفكر السلفي وغيره من الأفكار هو ما يجب أن يكون موضوع الحديث ، لا هذه الترهات التي يطرحها الكاتب ومن هم على شاكلته .

هناك 6 تعليقات:

عُمر يقول...

أوك ..
دلوقتي انا المقال توهني ..
أنا حالياً موش فاهم إيه رأيك الشخصي إنت تحديداً في السلفية والإخوان ..
بتبصلهم على إنهم إيه يعني ؟

اللي أنا شايفه إن الإخوان المسلمين جماعة فكرية زي أي جماعة ليها الحق إنها تعبر عن معتقداتها بحرية ولها الحق في أن تدعو إلى إعتناق فكرها زي ما أي جماعة فكرية بتعمل ..

من ناحية الأهداف السياسية فلا يمكن فصلها عن الأهداف العامة أو الإجتماعية ..

أنا شايف إن للكل أهداف سياسية ..
وحتة إن السلفيين ملهومش أهداف سياسية دي انا أول مرة اعرفها ..

أنا حضرت ندوات ليهم وكانوا بيكفروا في الحكام أساساً وبيدعو للخروج عليهم والكلام ده لسه من قريب وممكن أحددلك المسجد كمان والوقت اللي اتقال فيه كده لو عاوز ..
فموش فاهم إزاي إنت بتقول :

ويرون أنَّ الحاكمَ الظالمَ المغتصبَ للسلطةِ ،له شرعية ُ الغالب ِ، ويجبُ له السمعُ ،كما تجبُ له الطاعة ُ

كمان أساساً هل كون إن أي جماعة فكرية يكون ليها أهداف سياسية .. هل دي جريمة ..
الجريمة هي إننا نبقى نايمين في العسل ..

ده رأي شخصي

بس فيه نقطة بألومك فيها وإعذرني ..
وهي أننا حينما نعرض وجهة نظرنا الشخصية في أمر ما فيفضل ألا نسيء إلى الآخرين حتى وإن أساؤا هم في عرض وجهة نظرهم .. فأنت تقول:

لا هذه الترهات التي يطرحها الكاتب ومن هم على شاكلته ..

وبصفة عامة بأحييك إنك بتناقش في مدونتك مواضيع جدية تتفاعل مع صميم الواقع ..

تحياتي ..

ماهرالشيال يقول...

النبيل عمر أشكرك على تعليقك على موضوعي ، وملاحظاتك في غاية الأهمية وتستحق الرد :-
أولا بالنسبة لرأيي الشخصي في الدعوة السلفية أقول إن الدعوة السلفية لا تمثل اتجاها واضح الإطر ،فكثير مما تطرحه الأفكار السلفية يتأرجح بين الصريح والملتبس وبين المعلن والمسكوت عنه ،أما عن مسألة التكفير في إطار الفكر السلفي ،فالمسألة محل خلاف بين السلفية التقليدية المتمثلة في علماء المملكة العربية ، وعلماء مصر كالشيح أبي إسحق ، والدكتورمحمد بن إسماعيل المقدم ، والشيخ أحمد النقيب ، ومحمد حسان وغيرهم وهؤلاء جميعالا يقولون بكفر الحكام الخارجين عن شرع الله ،الموالين لأعداء الأمة صراحة ، ولكن يمكن استنباط ذلك من بين السطور في كتب الولاء والبراء وصحيح المعتقد أما السلفية الجهادية فتعلن ذلك صراحة وهذا النوع على حد علمي لا وجود لهم في مصر ،وإن وجدوا فهم لا يتصدون للخطابة وإعتلاء المنابر، وقضية الالتباس في الفكر السلفي قضية شائكة ،وبالنسبة للسلفية التقليدية فهم يرون أن من غلب الناس بسيفه ،فله السمع والطاعة ،والخروج عليه أمر غير جائز ،إلا إذا كان أغلب الظن أنه سيكسر ،بينما يرون في ذات الوقت أن هناك من الأفعال ما يوقع الكفر كترك الصلاة أو تأخيرها عن عمد ، ومن ناحية أخرى فإن مسألة عدم وجود أجندة سياسية لدعاة السلفية التقليدية ،فهذا أمر لاشك فيه ، ويدعم ذلك عدم وجود أي شكل من أشكال التنظيم بين صفوفهم ، أما عن الإخوان فأقول أن الجماعة بدأت دعوية وانتهت سياسية ،فلا هي أبقت على الدعوة ،ولا هي أدركت باب السياسة ،هذا على مستوى الفكر وليس الفعل والتواجد في الشارع المصري ، والباحث المدقق يرى أن المنطلقات الفكرية للجماعة تتسم بالعمومية وتميل إلى الإطلاق ،أما الأفعال فهي تؤكد برجماتية الجماعة وتقديم الخاص (مصلحة الجماعة ) على العام (مصلحة الوطن )وعذرا للإطالة أيها النبيل عمر وإليك رابط مدونتي الأخرى على جيران
http://maheralshial.jeeran.com
وهذا أيضا موقع حزب الوسط الذي أشرف بالانتماء إليه وأكتب فيه بانتظام
http://www.alwasatparty.com
وأخيرا أشكرك على تشريف مدونتي بتعليقك ،وإلى اللقاء

مواطن مصرى نايم يقول...

اولا رد حضرتك على عمر وضح لى اللى كنت حسأل فيه

اما بقى بالنسبة للاخوان
فأنا كنت انتمى لهم لمده عامين
اكتشفت فيها اشياء كثبرة عن الاخوان
و لكن لا يمكن تعميمها

اهمها
ان اغلب الذين ينتمون للاخوان حب السلطة لديهم عالى جدا
و دى طبعا اكبر دليل على ان اغلبهم لا يخدم الدين من اجل الدين و لكنه يخدم الدين من اجل السلطه

و هم يردون ان يحكموا البلد و ده كمان يؤكد انها جماعة ترتدى عباءه الاسلام و لا تودئ فروضه

بالنسبه للسلفين
مقدرش اتكلم اوى عنهم لان علمى محدود بهم لم اتعامل معهم كثيرا و لكن من تعاملت معهم اكن لهم كل الاحترام و لا اجد شوائب عليهم
و لكن الله اعلم بهم و بغيرهم

موضوع جميل

بس عندى ملحوظة بسيطه
اغلب قراء المدونات سنهم صغير فى متوسط يتراوح بين ال 18 و ال 23

فى كلام كتير منهم مش حيفهموه
لانه متعمق و مرتبط بشكل كبير باللغه
فلو حضرتك بسطت من الاسلوب قليلا يكون افضل عشان مواضيع حضرتك متفوتهمش

تحياتى لحضرتك

اسلام

ماهرالشيال يقول...

شكرا يا إسلام على تعليقك القيم ،بس إشكالية العلاقة بين التيارات الإسلامية موضوع شائك جدا والكارثة إنه لا يخلو من الهوى ، وأنا شخصيا كانت لي تجربة مع الفريقين ،وأستطيع أن أقول أني نظرت من الداخل ،والداخل مرعب والخارج مولود ،ربنا ينجينا ، بالنسبة للأسلوب ، هأحاول بس معلش يا إسلام أنا عندي 37سنة،مهما عملت مش هأعرف أتكلم زي ابن العشرين ، بس على فكرة أنا سعيد جدا بتدوينات الشباب الصغير وساعات بأفطس من الضحك على الحاجات المذهلة المكتوبة يعني من الآخر هأحاول.

canary يقول...

واضح ان هناك خلط بين الجماعه السلفيه كما أوردت والجماعات الجهاديه التى ظهرت فى نهايه السبعينيات كالتكفير والهجرة والشوقيون والشوقيون المنشوقون والكثير مما ظهر لدينا هنا فى صعيد مصر بين أواسط الثمانينيات وأوئل التسعينيات
فأنا وعلى ما أعتقد أعتماد على معلومات بسيطه لدى أن السلفيين هم او مثل جماعه انصار السنه وهؤلاء فعلا لا نشاط سياسى لهم بالمطلق فمما أراة من نشاط لهم هو بناء الجمعيات الشرعيه ومشاريع أطعام الطعام وكفاله اليتيم وعربات دفن الموتى والمقابر الشرعيه لمن لا يجدها
ولكن لو هناك خلط او خطأ فى معلوماتى فأرجو الايضاح والتفسير
بالنسبه لجماعه الاخوان المسلمون
فأى جماعه لها نشاط حزبى وبرنامج خدماتى وقواعد تنظيميه هى جماعه سياسيه ومصلحتها او أهتمامها الوصول الى السلطه
وهو موضوع يطول شرحه أستنادا الى الوضع فى مصر للخلط الواضح والبين بين السلطه والدوله
وأفتقارنا للرؤيه السياسيه السليمه والواضحه التى تجعلنا نقارن ونفاضل بين أفضل النظم او البرامج الانتخابيه فى غياب الاحزاب أصلا
واضح انى طولت جدااا
بس أستحملنى بقى لأنها زيارتى الاولى للمدونه وعلى فكرة عاجبنى جدا تنظيم أفكارك وقدرتك على فك الالتباس بين الافكار المختلفه
ومتنساش توضحلى أى غلط من فهمى للموضوع
تقبل مرورى وتحياتى لك

ماهرالشيال يقول...

النبيلة كناري.....تحياتي وأنا في غاية الامتنان لتشريفك مدونتي بالتعليق شايف إن معلوماتك عن الموضوع جيدة بس برضه في خلط أولا أنصار السنة مش جماعة دي جمعية ودعاةالسلفية التقليدية هم الذين يسيطرون عليها ،وهؤلاء في حالة تصالح مع السلطة ولا يصطدمون بها على الإطلاق ،هذا بالنسبة للواقع العملي ،أما على مستوى الفكر فكما بينت مسبقا هناك التباس بين ،إذ يوجد منهم من يكفرالنظام دون تصريح ومنهم من يؤمن بشرعية الغالب ،ويرى الخروج عليه خطأ فادحا ، أما الجمعية الشرعية فهي تميل إلى الإخوان (طالعي إن شئت مجلة المختار الإسلامي لسان حالهم ) كما أن هناك جماعات شبه مختفية عن الساحة ومنها ما ذكرت كالشوقيين وما لم تذكري كالقطبيين وكلاهما لهما أراء تكفيرية ،والموضوع يحتاج إلى الكثير من البحث والتدقيق كما ذكرت سلفا .....دمت بخير
ماهر