الاثنين، 7 أبريل 2008

فخامة العنيد الأكبر

أعرف رجلا من رجالات السياسة والتعليم القلائل ، وعلمت أنه كان فعالا وإبجابيا في هذين المجالين قبل عام 1982 ،ولكنه عزف عن العمل بعد ذلك عزوفا كبيرا ،والتزم بيته وأنهى حياته السياسية بعد أن وصل إلى عضوية البرلمان المصري ، ولقد تحيرت كثيرا في أمر الرجل ، وكيف جرى له هذا التحول الكبير ، ومنذ أيام التقيت وصديق لي يعرف الرجل عن قرب ،فسألته عن الرجل وكنت قد دعوته غير مرة للمشاركة في عدة فعاليات ،ولكنه لم يحضر ،ويبدو أن أمر عزوف صاحبنا كان قد أرق صديقي أيضا ،مما اضطره لسؤال الرجل ،فأجابه أنه كان قد دعي بصفته عضوا في الهيئة البرلمانية للحزب الحاكم إلى إجتماع يترأسه الرئيس حسني مبارك عقب مقتل السادات مباشرة ،وفي اللقاء تمت مناقشة الأحداث الجارية والمتغيرات التي تستلزم مواجهتها الحكمة والصبر والهدوء ؛حتى لا تفلت الأمور من أيدي النظام ويحدث ما لاتحمد عقباه ،وفي هذا الأجتماع أبدى الرئيس مبارك تذمرا شديدا وأوضح أنه يختلف عن سلفه الراحل شكلا وموضوعا ،وأنه لايمكن أن يستجيب بحال للضغط الشعبي أو لمطالب المعارضة ،بل أن أوضح أنه سيتخذ قرارته المصيرية واضعا في اعتباره أن تكون دائما وأبدا ضد إرادة الجماهير ومطالب المعارضة وأضاف سيادته أن ذراعه لاتقبل اللي ،وأنه لن يستمع لرأي أحد ،فرأي سيادته من رأسه ،ولا سلطان لأحد عليه ........ إلى غير ذلك من الكلمات التي أكدت لصاحبنا أنه لا أمل يرتجى من الرجل ،وأن مصر في عهده ستدخل دوامة كارثية لن يستطيع أحد إلا الله تعالى إخراجها منها ..ترى هل حاد الرئيس مبارك عن هذا النهج بعد مرور أكثر من ربع قرن ،وهل هو مستعد أن يحيد عنه الآن ؟ أغلب الظن أن أمورا كثيرة قد تغيرت ،فحول الرئيس الآن مجموعة من رجال الأعمال يتزعمهم نجله ،يوسوسون له بكل ماهو ضد مصلحة مصر وشعبها المنكوب ،والرئيس يصغي لهم ويصدر قراراته على أساس ما اقترحوه ،غير أنه لازال على عناده القديم ،سادرا في غيه ،مسترشدا دائما وأبدا بأوامر سيد البيت الأبيض ،اللهم إلا فيما يخص قضية الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية في مصر ،أغلب الظن أيضا أن هذا هو الهامش المسموح له بممارسة لعبة الرفض فيه ،إن صاحبنا الذي اعتزل السياسة والحياة العامة لازال يعيش بيننا إلى الآن نراه وهو يشتري الجرائد اليومية في الصباح ،ونراه جالسا في حديقة النقابة التي ينتسب إليها،يطالع الصفحات الأولي في الجرائد الرسمية ؛ربما ليبحث عن أمل في التغيير فقده منذست وعشرين سنة فهل يجده ؟

ليست هناك تعليقات: