الخميس، 10 يوليو 2008

عندما تغيب الدولة ?

لا يمكن أن يتصور عاقل أن هناك دولة تدعي أنها دولة مؤسسات تتحول فيها كل الملفات إلى ملفات أمنية ، والمضحك المبكي في الأمر أن تكون هذه الدولة قد عاشت لأكثر من ربع قرن تحت سطوة قانون الطوارئ وفي ظل غياب قانون الإجراءات الطبيعي ، مما جعل كفاءة الأمن فيها في أشد حالات التدني مما لايسمح له بالقيام بدوره الأصلي بأي درجة من الكفاءة فما بالك وقد ألقيت عليه كل ملفات الدولة ،وليس المطلوب هوحل هذه الملفات وإنما المطلوب هوالتعامل معها بالشدة والعنف اللذين أصبحا من أهم سمات رجال الأمن في بلدنا ، وبالطبع فإن الدولة التي تفعل ذلك لا تحفل بأمن مواطنيها بل تعتبرهم خطر على الأمن ، بل وتتهم من خرج منهم للتظاهر - وهو حق كفله الدستور- بتكدير الأمن العام ، وكأن الأمن العام كوب ماء يتكدر إذا أصابه شيء من غبار ،وهذا في الواقع هو مربط الفرس ، فالدولة المستبدة إذا طال بها العهد ،تتحول بفعل عوامل الزمن والتحلل إلى دولة مرتعشة ،ترتعد من مظاهرة يقوم بها عدة أفراد أو وقفة احتجاجية في شارع جانبي ، وتغضب إذا أدينت بانتهاك الحريات رغم أنها تفعل ذلك ليل نهار ، بل إن هذا الغضب يمكن أن يتحول إلى التهديد بقطع العلاقات ، وهي التي لاتمانع في أن تداس هيبتها في محافل عديدة دون أن تحفل ، دولة بهذا الوصف الذي نصف هي دولة غائبةلكن غيابها إنما يكون لصالح أفراد وجماعات بعينها لا هدف لهم سوى النهب والسلب لكل ما يقع في أيديهم ، وعندما تختفي هيبة الدولة يتجرأ الكل ويصبح المال العام وأراضي الدولة وثروات الوطن كلأ مباحا بشروط الخيانة بيع الأوطان ، وهذه هي إرهاصات الفصل الختامي الذي دائما ما ينتهي بنهايات مأساوية لاتخفى عواقبها على أحد فهل عرفتم ماذا يحدث عندما تغيب الدولة ؟

ليست هناك تعليقات: