
الأربعاء، 31 ديسمبر 2008
استربتيز سياسي وإعلامي

الخميس، 11 ديسمبر 2008
فضيلة الموظف الأكبر

الأربعاء، 10 ديسمبر 2008
وقائع مصرية

الوصول إلى الغايات لا يكون إلا بتقديم التضحيات، والواقع المأزوم الذي تعيشه مصر بسبب سياسات نظام مبارك يكاد يصل بالبلاد إلى حافة الهاوية ، يحدث هذا في ظل إحجام كامل من الجميع عن تقديم أي تضحيات من أجل إزاحة نظام مبارك ، والحيلولة دون إتمام عملية التوريث ، ويعتبر عام 2009 هو العام الحاسم بالنسبة لقوى الضغط وقدرتها على إنهاء مأساة الشعب المصري بإزاحة نظام مبارك ، والحقيقة أن نظام مبارك يستمد عافيته المتوهمة بالترويج لعدد من المفاهيم غير الحقيقية التي تبالغ في قوته ، وتكرس لما يمكن تسميته بسطوة الدولة وسيطرة الأجهزة الأمنية على الأمور بشكل كامل وهذه النقطة بالذات غير صحيحة على الإطلاق إذا وضعنا في الاعتبار الترهل الذي طال جميع قطاعات الدولة بشكل عام ولا يمكن تصور أن الأجهزة الأمنية بما تعانيه من مشكلات تكدس جميع ملفات الدولة لديها بمنأى عن هذا الترهل ناهيك عما أصابها بفعل الفساد ، وانخفاض معدلات مستوى الكفاءة المهنية ، وبقراءة سريعة للأحداث الأخيرة سيتضح أن هناك حالة من الانفلات الأمني غير المسبوق تمثلت في حدوث جرائم قتل تمت على أيدي ضباط شرطة ضد مواطنين في وضح النهار ،فما دلالة هذه الأحداث المتتابعة ؟ إن خروج كثير من هؤلاء عن السيطرة ،وارتكابهم للجرائم بهذه الطريقة يعنى أن هناك ضغطا شديدا يعانون منه ،مع الإحساس بتضخم الذات الذي يشكل مرضا خطيرا يعاني منه عدد كبير ممن يمتهنون هذه المهنة ،كما أن الشعور بالعزلة وعدم الانتماء للمجتمع ،يسهم بشكل كبير في عدم الإحساس بالأمان أثناء التعامل مع المواطنين ،ربما لا يبرر ذلك ردود الأفعال المبالغ فيها من قبل هؤلاء ،أو ما يمكن تسميته الاستخدام المفرط للقوة – حسب تعبير وسائل الإعلام الحكومية عن الممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين- ولا يمكن أن يكون ذلك مبررا أيضا لما يمارس من تعذيب داخل أقسام الشرطة ،رغم تقديم البعض منهم للمحاكمة وصدور أحكام بالعزل من الوظيفة ، بل والسجن ، وما يمكن أن نتصوره أن العديد من هؤلاء أصبحوا على حافة الانهيار العصبي ، وليس معنى ذلك أن تأخذنا بهم شفقة أو رحمة ،فهم على أي حال مجرمون لابد أن ينالوا عقابهم عاجلا أو آجلا ، فإجرام هؤلاء فاق كل تصور ، ولا أشك أنهم سيدقون المسمار الأخير في نعش نظام مبارك بما يقترفون من آثام في حق هذا الشعب ،وليس بجديد أن نذكر أن أحداث المحلة اندلعت بسبب صفعة وجهها ضابط شرطة لأحد المواطنين ، فماذا يعني ذلك ؟ببساطة الجهاز الأمني الذي يظن سدنة النظام أنه حامي الحمى ، هو بالتأكيد من أوهن حلقات السلسة الجهنمية التي يقيدون بها الشعب المصري ،كما أن وجود ما يربو على المليون ونصف المليون من جنود الأمن المركزي ،وما يعانونه من ظلم وظروف معيشية صعبة ،تؤكد أن كثيرا من الولاءات يمكن أن تنقلب في أي لحظة بفعل الفوضى ، مع الوضع في الاعتبار أن هذا العداء السافر من قبل أجهزة الأمن يقابل بالعنف المضاد من المواطنين كما حدث في سيناء و المنيا وغيرهما ، كما أن وسائل الإعلام التي تجد في هذه الأحداث مادة شديدة الجاذبية ،أصبحت تشكل ضغطا آخر على رجال هذه الأجهزة ،وخصوصا أن كثيرا منهم ما زال يعيش بعقلية الأزمنة السحيقة ، فمتى يفيق هؤلاء ؟ لا شك أنهم سوف يفيقون – كالعادة- بعد وقوع الكارثة .
الأربعاء، 26 نوفمبر 2008
الإحلال وليس الإصلاح

الخميس، 13 نوفمبر 2008
الكتابة عبر التدوين

الأربعاء، 29 أكتوبر 2008
أزمة التعليم في مصر
تشهد العملية التعليمية في مصر ترديا هائلا طال جميع عناصرها ، بدءا بالمناهج التعليمية ومرورا بالطالب ،وليس انتهاء بالمعلم ، والمؤكد أن أزمة التعليم في مصر سوف تشتد ، طالما بقيت سياسات التعليم محكومة بالعشوائية والتخبط والتجريب الذي ما يلبث أن يثبت فشلا بعد فشل ، والحقيقة أن إصلاح التعليم في مصر أصبح في غاية الصعوبة ؛ والسبب في ذلك أن هناك إفسادا متعمدا طال العملية التعليمية في مصر ،واستمر لأكثر من ثلاثة عقود ،واتخذ أشكالا متعددة ،وتسمى بمسميات خادعة ،كالتطوير والتحديث ،واعتمد بشكل كبير على استيراد التجارب التعليمية الأجنبية دون النظر إلى مدى توافقها وملاءمتها للمجتمع المصري وخصوصيته الحضارية والثقافية ،كما لم يراع القائمون على وضع سياسات التعليم في مصر كثيرا من الأولويات المتعلقة بالمؤسسات التعليمية القائمة من حيث كونها تفتقر - في غالبيتها - إلى إمكانات التطبيق الجاد لخطط التطوير والتحديث المزعومة ،مما أحدث ارتباكا هائلا بين العاملين في الحقل التعليمي ،وهم ممن يتعاملون بشكل مباشر مع المستهدفين بهذه العمليات من الطلاب ، ولا شك أن هذا الارتباك الحادث كان نتيجة طبيعية لتلك الفجوة الهائلة التي نتجت عن الإعراض التام من قبل العاملين على وضع هذه السياسات عن التشاور مع العاملين بالحقل التعليمي حول النهوض بالعملية التعليمية ،ومن ثم لم يقف هؤلاء على المشكلات الحقيقية التي تعترض طريق التقدم المأمول ،ولا شك أن من نتيجة هذا الاستعلاء من قبل واضعي سياسات التعليم في مصر أن كان العاملون في حقل التعليم من المعلمين والمربين عقبة أخرى في طريق التطوير والتحديث ،بدلا من أن يكونوا أول الداعمين له ، ولهذا أسباب كثيرة من أهمها عدم الاقتناع بجدوى عمليات التطوير والتي كانت في معظمها منبتة الصلة عن واقع المعلم والمتعلم ، وكذلك فإن انعدام الثقة في النظام السياسي انعكس بشكل كبير على مدى تفاعل قطاعات واسعة من المعلمين ،والذين رأوا أن التطوير في حقيقته ما هو إلا تخريب منظم للعملية التعليمية ،ناهيك عن سوء أحوال المعلم والتي لا تكفل له سبل العيش الكريم ، مما جعله زاهدا في تحصيل مختلف الخبرات والمعارف الجديدة ،والتي يرى كثير من المعلمين أنها لن تضيف إليهم شيئا ، وكان من أسباب العشوائية التي اتخذت منهجا لدى القائمين على وضع سياسات التعليم في مصر ، أن فرغت المناهج الدراسية من مضامينها بحجة محاولة البعد عن الحشو الذي يؤدي إلى عزوف الطلاب عن الدراسة ،فتم تبسيط كثير من العلوم حتى وصل هذا التبسيط حد الإخلال ، واستحدثت بعض المواد الدراسية كمادة القيم والأخلاق ؛لتحل فيما بعد كبديل للتربية الدينية ، والتي خرجت أصوات كثيرة ليست فوق مستوى الشبهات تنعق بضرورة استبعادها من المناهج الدراسية ،ولم يكن كل ذلك ببعيد عن الضغوط التي مورست على الدول الإسلامية عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، ومما يدعم الرأي الذي يقول بأن عمليات التطوير التي حدثت على مدى العقدين الأخيرين تحديدا لم تكن بعيدة عن الإفساد المتعمد ، أن الدول التي تم اجتزاء تجاربها لتطبيقها في مصر ،كالولايات المتحدة واليابان مثلا تضع شروطا صارمة للنظم التعليمية بها تتعلق بالإطار العام للتعليم والذي لا يجوز المساس به ، كما أن هذه الدول تولي اهتماما غير عادي لتعليم اللغة الأم وتدريسها لدرجة أن اليابان مثلا لا تدرس بها لغة أجنبية في المرحلة الابتدائية والإعدادية -حتى سن السادسة عشرة - حتى يستوعب الطالب لغته الأم استيعابا كاملا ،بينما نرى اللغات الأجنبية في مصر يتم تدريسها بدءا من مرحلة رياض الأطفال ، ولا يخفى مغزى ذلك على أحد ،وليس أدل على استهداف اللغة العربية في التعليم المصري من الشعار الذي رفعته الوزارة وكان عبارة عن جملة عامية من الركاكة بمكان تقول (( إيدك في إيدنا نطور تعليم ولادنا ))وكأن اللغة العربية الفصيحة قد عقمت عن أن تنجب جملة تؤدي الغرض دون إخلال بالمضمون ، فكيف نرجو خيرا من سياسات تعليمية تستهدف لغة الأمة بالإقصاء تارة ،وبالتسفيه تارة أخرى وتدعمها في ذلك وسائل الإعلام التي دأبت ومنذ عقود طويلة على السخرية من اللغة العربية ومعلميها ... والأخطر من كل ما سبق هو فتح الباب على مصراعيه أمام المدارس الأجنبية ، والخاصة على تنوع مسمياتها ومراميها واختلاف مناهجها ،مما أوجد حالة من الالتباس الشديد لدى الأجيال الجديدة بشأن كثير من المفاهيم التي كنا نعدها من قبل من الثوابت ،مثل قيم الانتماء والاعتزاز بالعروبة وغير ذلك ، ولا شك أن توحيد التعليم العام خاصة في مرحلة ما يسمى بالتعليم الأساسي ،لهو من أهم دعائم بناء الشخصية المصرية ،وإعدادها لمواجهة تحديات المستقبل ، ويبدو أن كل ذلك خارج عن اهتمامات الدولة المصرية الآن والتي تصب الآن جل اهتمامها لتحرير الجندي الإسرائيلي الأسير ((جلعاد شاليط )) .
الخميس، 16 أكتوبر 2008
اللحاق بركب الحضارة
منذ ُأن كنَّا صغارًا ونحن نسمع عن ضرورة اللحاق بركب الحضارة ، والحضارة المقصودة هنا - بالطبع- هي الحضارة الغربية ،وعلى طريقة ما تكرر تقرر ،فقد أصبحت الجملة بمعناها ومبناها من المسلمات،إلى أن فاجأنا الدكتور المسيري - رحمه الله- في إحدى الندوات بمعرض القاهرة الدولي للكتاب منذ سنواتٍ بمقولته الصادمة (( إنَّ الدولة التي تجعل مشروعها الوطني هو اللحاق بركب الحضارة الغربية ،عليها أن تعي أنَّها إذا أدركت بغيتها ، فإنَّها سوف تكون في ذيل الركب )) والسؤال الذي تطرحه المقولة الصادمة هو كيف لدولة ظلت لسنوات طويلة رأساً للحضارة في منطقتها، أن ترتضي أن تكون في حضارة أخرى بمثابة الذيل ؟ كيف لهذه الدولة أن تتخلى عن دورها طواعية ولحساب من ؟ وهل توجهها لحضارة أخرى مغايرة تماما ،ومحاولة اللحاق بركبها يتم بنوايا حسنة ،بعيدًا عن العمل لصالح كيانات بعينها تعمل بشكل دائم ومستمر ضد المصالح الإستراتيجية لهذه الدولة والأمة التي تنتمي إليها؟ لماذا لا يتبادر إلى ذهن من يتناول هذا التوجه بالتحليل والدراسة ،أنَّ الداعمين لهذا التوجه من مسئولي هذه الدولة ما هم إلا طابور خامس يعمل ضد مصالح بلاده ومستقبل أمته ؟ هل يخطئ المستقرئ لأحوال هذه الدولة وما وصلت إليه من فشل ٍذريع ٍفي كافة المجالات في إدراك أن ما تم من انسلاخ ٍعن مسئوليات القيادة وتبعات الريادة للأمة وللمنطقة ،إنَّما تم لحساب أعداء الأمة والمتربصين بها ، دون اللحاق بركب أي حضارة مهما صَغُرَ شأنها ،وانكشفت سوأتها على أيدي أبنائها أنفسهم ؟ والحقيقة أنَّ هؤلاء الذين لا يزالون ينعقون في الفراغ ،وينادون بتفوق المشروع الفكري الغربي ، وضرورة اعتناقه ،كطريق ٍواحد ٍللخلاص من الأزمات ، ويتعامون عما انتاب هذا المشروع من صدوع ٍتُؤذِن بانهياره ،هم واهمون ومنهزمون ،بل ومنسحقون بالكلية أمام هذا المشروع ،بعد أن أشْرِبُوه في قلوبهم ،فصار عجلهم المعبود ، ولأنَّ هؤلاء وبفعل العادة يصيرون في أغلب الأحوال ملكيين أكثر من الملك ، فإنَّهم وكلما رأوا هذا المشروع الغربي ينهار على المستوى التطبيقي ،يسارعون بالزعم بأن ما حدث لا يعدو كونه خطأ تسبب فيه الانحراف الطفيف عن النظرية التي قام عليها المشروع بأكمله ،متجاهلين عن عمد أنَّ الأسس الفكرية التي قام عليها المشروع الغربي والتي ارتكزت على النفعية الآنية والتحرر من القيم ،والتي تحمل في داخلها بذور زواله وفنائه ، هي السبب المباشر فيما حدث من انهيار،إذْ يقوم المشروع في جانبه الاقتصادي على التجاوز الشديد في حق المجموع لحساب أطماع الفرد ،وتطلعه نحو تحقيق الثروة العاجلة دون ضوابط أو شروط ، وهذه هي آفة العلمانية الشاملة التي قامت عليها الحضارة الغربية إذ ألغت كل مرجعية ،وجعلت مرجعية الإنسان هي ذاته فحسب ، وهذا ما لا يصلح بأي حال من الأحوال في مجتمعاتنا التي يشكل فيها المعتقد والموروث ركنًا ركينًا في تركيب الشخصية ،وتشكيل الهوية ،وكأنَّ هؤلاء المنادين بالتبعية للمشروع الغربي ومحاولة اللحاق بركبه يطلبون منَّا أن نخلع عنَّا تراثاً تليدًا مستقرًا في وجداننا ، لِنَتبَعهم في سعيهم خلفَ السراب ، وليس من نافلة القول أن نقول أنَّ كثيرين ممن وقعوا أسرى هوى الفكر الغربي على اختلاف أهوائهم ومشاربهم ، انطلقوا من منطلق واحد ،هو كراهية هذه الأمة تراثا ودينا وفكرا وعقيدة وتاريخا ومنهجا ،وهم - فيما يبدوا- لديهم هذه القدرة الفائقة على التلون الأيدلوجي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ،غير أنَّهم لا يراهنون أبدًا على التخلي عن مرتكزهم الأوحد والوحيد ألا وهو العداء السافر والمستتر لمشروع الأمة الحضاري القائم على التمايز والداعم للخصوصية الثقافية والمدرك لحقائق الواقع ،ومعطياته ،بما لا يتعارض مع ثوابت الأمة ومنهجها الراسخ ، والعجب كل العجب من دأب هؤلاء وجلدهم ،رغم أنَّهم لم يبرحوا مواطئ أقدامهم منذ بدءوا ،إلا تراجعا وخيبة وانكفاء ،فمتى يرجع هؤلاء عن الغي الذي هم فيه سادرون ؟
الجمعة، 3 أكتوبر 2008
بيننا وبينهم الجنائز
كنت قد انتويت أن أكتب عن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر في ذكرى وفاته ، ولكني انشغلت بالكتابة عن جرائم نظام مبارك المتتالية والتي لا تترك للمرء وقتا للكتابة عن غيرها ، فلقد استمرت حرائق النظام ،فتلى حريق المسرح القومي ،حريق الشورى ، وتبع اختطاف السياح الأجانب، اختطاف البحارة المصريين من قبل القراصنة الصوماليين ، ثم ما تلا ذلك من أكاذيب ساقها المسئولون المصريون عن بطولات مزعومة في تحرير السياح والبحارة المصريين ، ما لبثت أن فضحتها وسائل الإعلام العربية والغربية ، وفي أول أيام عيد الفطر المبارك ، شاهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل ناصر ، فعاودني الحنين من جديد للكتابة عن الزعيم الرمز ، وكنت قد طالعت الأحدالماضي في جريدة العربي مقالة الصديق المهندس أبو العلا ماضي عن الراحل الكريم ، وقمت بقراءتها مجددا اليوم على موقع حزب الوسط المصري ، وأعجبت بالمقال أيما إعجاب ورأيت أنه من الواجب على أن أضع هذا المقال الرائع على هذه المدونة اعترافا مني بفضل الرجلين ، حيث أنني أدين بالفضل لكلا الرجلين ، فالزعيم العظيم جمال عبد الناصر ، هو رائد الوطنية الحقيقية ،وناصر الفقراء ، وسيبقى بإذن الله رمزا خالدا رغم أنف المتطاولين ، أما الكاتب المهندس أبو العلا ماضي ، فالحديث عن فضله لايتسع له المقام ، لا أريدأن أطيل عليكم ، وإليكم المقال :-
بيننا وبينهم الجنائز
في يوم الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970 تنبه كاتب هذه السطور وهو لم يكمل بعد عامه الثالث عشر على صوت والده يصرخ بأعلى صوته "يا أبويا" فسألت فزعًا وأنا أعرف أن جدي قد توفاه الله قبل أن أُولد فعلمت أن الرئيس جمال عبد الناصر قد مات وبكى والدي وبكينا معه بحزن حقيقي، وخرجت مع أقراني مسرعًا إلى شوارع مدينتنا "المنيا" في صعيد مصر فإذا بطوفان يضم عمالا وفلاحين ومهنيين والأغلبية الكاسحة منهم من الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى ساروا جميعًا في جنازات مهيبة تطوف شوارع المدينة وتملؤها عن آخرها وهى تردد كلمات مازالت تتردد في أذني "الوداع يا جمال.. يا حبيب الملايين"، وظل الحال كذلك حتى حل ظلام الليل علينا، أمواج من البشر تبكى وتسير بغير هدى حزنًا على فقيدها الزعيم جمال عبد الناصر، وقد تكرر هذا المشهد كما علمنا بعد ذلك في كل مدن مصر وقراها ومحافظاتها، ناهيك عما جرى في العاصمة القاهرة التي زحفت إليها الجماهير بكل أنواع المواصلات وخاصة القطارات لتشارك في وداع الزعيم ناصر.
ومرت السنون فأضافت لعمر الصبي وقرأ في شبابه وتابع الصراع الذي دار حول قيمة وأثر الرئيس جمال عبد الناصر وتأثر سلبًا بمواقف خصومه التاريخيين في الحركة الإسلامية ثم ما لبث في مرحلة نضجه أن تأمل في تاريخ تلك المرحلة بعين مستقلة فاعتدل الميزان مرة أخرى ليعترف بفضل الرجل وأثره على مصر والأمة العربية وأماكن مختلفة من العالم.
وقد كانت نقطة البداية من الثقافة الإسلامية التي تدرسها أيضًا الحركة الإسلامية فقد تأملت الصراع الذي دار بين الإمام احمد بن حنبل وخصومه حول قضية خلق القرآن، وكيف ثبت الإمام أحمد في وجه التعذيب والسجن والأذى، وفيما قاله الإمام حين سأله ابنه حينما شاهد صولجان خصومه وسأل أباه الإمام عن رأيه في هذه المواكب والهيبة المصنوعة قال الإمام أحمد مقولته الشهيرة لا تغتر يا بني بهذه المشاهد "فبيننا وبينهم الجنائز" وقد صدق الإمام فحين مات خصمه اللدود أحمد بن أبى دؤاده حمل نعشه أربعة أفراد فقط ولم يسر في جنازته أحد في حين عندما مات الإمام أحمد خرج كل أهل بغداد وما حولها لتشييع جنازته في موكب ومشهد مهيب ندر أن يتكرر بهذا الحجم في زمانه بل ظل الناس يأتون للصلاة على قبره من جميع أنحاء الأمة لعدة شهور، ولهذا السبب تحرص الحركات الإسلامية وخاصة تلك التي خاصمت الرئيس عبد الناصر على أن تحشد في جنازات رموزها أعدادًا كبيرة لتستدل على صواب موقفها وأن الحق معها مسترشدة بمقولة الإمام أحمد بن حنبل الشهيرة، وحين تأملت هذا الموقف تذكرت جنازة الرئيس عبد الناصر ومقولة الإمام أحمد وقلت لنفسي بهذا المعيار خروج الملايين في جنازة الرئيس عبد الناصر هي شهادة لصالح الرجل واستفتاء في آن واحد، فكل هؤلاء الناس أو كل الملايين التي عشت بين جزء منهم في جنازة رمزية في بلدنا خرجوا بشكل تلقائي وبحب حقيقي لم يدفعهم إليه أحد ولم يوجههم أحد ولو كان حدث ما كانت الاستجابة بهذا الشكل غير المسبوق، والطريف أنني كنت في الولايات المتحدة الأمريكية بصحبة الأستاذ الدكتور عماد رمزي في عام 2004 وكنا نحاضر معًا في جامعة أنديانا فإذا بسيدة عجوز تأتى إلينا بعد المحاضرة مرحبة بنا وقالت إنني أحب مصر جدًا وأحب الزعيم جمال عبد الناصر وأخرجت من حقيبتها نسخة من جريدة الأهرام في اليوم التالي للجنازة وقد صورت الجريدة مشاهد من هذه التجمعات الضخمة التي شاركت في الجنازة ومنهم من اعتلى أعمدة الإنارة حتى آخرها وشرفات المنازل والأسطح وهى تحتفظ بهذا العدد وتفتخر بهذا المشهد، فابتسمنا على هذا الشعور النبيل من هذه السيدة الأمريكية التي أكدت هذه الصورة غير المسبوقة لجنازة بهذا الحجم في القرن العشرين كله.
فاعتبرت أن مشهد الجنازة هو رد اعتبار للرجل والزعيم بمقياس الإسلاميين أنفسهم، وأنه بالرغم من تقييمه الذي قد يختلف الناس حوله سواء في إيجابياته أو سلبياته إلا أن خروج الملايين لجنازته بهذا الشكل هو استفتاء شعبي حقيقي على حب هذا الرجل وتطبيقًا لمقولة الإمام أحمد "بيننا وبينهم الجنائز".
الأحد، 28 سبتمبر 2008
القومي يلحق بالشورى
في الحقيقة أني كنت قد انتويت أن أترك الحديث عن جرائم النظام المصري غير المسبوقة لبعض الوقت ،لأتحدث في موضوعات أخرى شغلتني في الفترة الحالية ،كالهجوم على مولانا فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي بسبب ما صرح به عن المد الشيعي ، ووجوب مواجهته ، ورأيه في ما يعتقد الشيعة الإمامية من عقائد ، تصل بهم إلى حد الابتداع غير المخرج من الملة ، ولكن يبدو أن الحديث عن ذلك سوف يؤجل ، كما كنت أنوي أن أكتب عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في ذكرى وفاته ، وما أثاره مسلسل ناصر من ردود أفعال واسعة ، خاصة لدى جماعة الإخوان والذين يرون أن التاريخ لابد أن يكتب وفق أهوائهم ، لكن خبر حريق المسرح القومي أخرجني من ذلك كله وأعادني إلى الحديث عن جرائم نظام مبارك ،والتي لا تنتهي ، فلا زالت الانهيارات في المقطم مستمرة ، وما ارتكبه نظام مبارك في حق الضحايا وأهاليهم يدخل في إطار جرائم الإبادة الجماعية ،خصوصا إذا علمنا أن الانهيارات حدثت بسبب مشروعات شركة إعمار في المقطم ، وتسرب كميات هائلة من المياه التي تروي ملاعب الجولف إلى داخل الجبل ، وإذا عدنا إلى حريق المسرح القومي والذي أعلن أنه حدث بسبب ماس كهربي ، نجد أن أركان جريمة الإهمال متوافرة ، قصور شديد في عوامل الأمن والسلامة ، تباطؤ لا يصدق في التحرك للسيطرة على الموقف ، لا مبالاة واضحة في التعامل مع الحدث وكأنه كارثة طبيعية ، والواضح أن مبارك ونظامه قد فقد مصداقيته التي لم تكن موجودة أصلا ،لدى جموع المصريين ، حتى فيما يفترض فيه النزاهة من ظاهر الأفعال كإحالة هشام طلعت مصطفى إلى الجنايات ،نجد الكثيرين يتحدثون عن تصفية حسابات ، وصراع على الأنصبة الكبرى في سوق العقارات ، وانصياع تام لدولة تهدد بسحب الاستثمارات التي تتجاوز العشرين مليارا من الدولارات ، والسؤال الذي يطرح نفسه إذا كان نظام مبارك لم يفلح في التعامل مع حريق محدود في مجلس الشورى أو في المسرح القومي ،فماذا سيفعل إذا شب حريق- لا قدر الله- في منشأة صناعية ذات خطورة كمحطات إسالة الغاز في دمياط وإدكو ، ماذا سيفعل النظام الذي يبخل بأدنى عوامل الأمن والسلامة على مرافقه الحيوية ، لتتكدس في قصور الرئاسة ، واستراحات الأسرة المالكة ؟ لا يمكن أن يقول عاقل أن نظام مبارك يهوي إلى هذا الدرك ، وبهذه السرعة وفق هواه ، والحقيقة أن انهيار النظام يحدث بشكل تلقائي بفعل عوامل الضعف والتحلل بسبب طول الأمد الذي ماج بالفساد ،وامتد بعوامل الاستبداد ، بقي أن نقول أن الصمت على ما يحدث في مصر خطأ لا يعدله خطأ ، وهو يرقى إلى حد التواطؤ مع مجرمي نظام مبارك ،وقد ألمح لهذا المعنى الدكتور محمد سليم العوا في حديث له على إحدى القنوات الفضائية ،مشيرا إلا أن بسطاء الناس إذا ارتضوا الظلم ، ومشوا في ركاب الظالمين ،وباعوا أنفسهم بالبخس ، يوشك الله تبارك وتعالى أن يعمهم بعذاب من عنده وصدق ربنا العظيم إذ يقول ((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) سورة الأنفال آية 25
السبت، 27 سبتمبر 2008
رياح التغيير
الثلاثاء، 16 سبتمبر 2008
الدعوة السلفية والإخوان
يَتَصَدَّى الكثيرُ من الكتابِ للحديثِ عن الجماعاتِ الإسلاميةِ ،وما يسمى بالإسلام ِالسياسي ، دونَ أنْ يكونَ لديهم أدْنَى معرفةٍ بتاريخ هذه الجماعات ،وما تُؤْمنُ به من أفكار ٍ، وأظنُ أنَّ بعضهم يستقي معلوماته من الأفلام ِ التي أنتجتها السينما المصرية عن هذه الجماعات ،والتي تمثل إدانة ً لصانعيها ،لما تحويه من كذب ٍوافتراءٍ واجتراءٍ على الإسلام نفسِه ،ولا يقومُ دليلٌ واحدٌ على صحةِ ما جاءَ فيها ،غيرَ أنَّها عَبَّرَتْ وبشكل ٍأمين عن حقدٍ أسودَ على الإسلام وأهله ، ولنعدْ إلى هؤلاء الكُتَّابِ ،ومنهم الأستاذ نبيل شرف الدين والذي يَعْمَدُ دائما إلى خلط ِالأوراق؛ للخروج بنتيجةٍ ترضي رؤيتَه المُسْبَقـَة َ ،والتي َتَحْكُمُ دائمًا على ما يكتبُ بالبعدِ عن الموضوعية والإغراق في الجدل العقيم ، ويستلزمُ ذلك دائمًا منه اللجوءَ إلى وضع الافتراضات التي تُخَاصمُ الحقيقة َوتخالفُ الواقعَ ،وهو دائمًَا ما يضطر في سبيل ذلك إلى ذكر معلوماتٍ غيرَ صحيحةٍ على الإطلاق ، فالدعوة السَّلَفِيَة التي تفضل بالحديث عنها ظهرتْ في مصرَ منذ أوائل السبعينات ، والسَّلَفِيَة ُالمصرية ُ- إذا جازَ التعبيرُ- لم تعرف منذ هذا التاريخ استخدامًا للعنف أو مواجهة ً للنظام ، فالمرجعية ُ السلفية ُ التقليدية ُترى أنَّ الخروجَ على الحاكم ِغيرَ جائز ٍ في كافة أشكاله وصوره ، ويرون أنَّ الحاكمَ الظالمَ المغتصبَ للسلطةِ ،له شرعية ُ الغالب ِ، ويجبُ له السمعُ ،كما تجبُ له الطاعة ُ ، كما أنَّهم يذهبونَ إلى أنَّ من خلعَ بَيْعَتَه- أي الحاكم- ماتَ ميتة ًجاهلية ً، والواضحُ أنَّ أ/نبيل شرف الدين لم يقرأ في كتب الفكر السلفي ، وربما اطلع على بعض الكتابات عنه ، ومما يثيرُ الأسفَ أن يخلط َالكاتبُ بعد ذلك بينَ جماعةِ الجهادِ والجماعةِ الإسلاميةِ في قضيةِ المراجعات على ما بينهما من تباين ٍفي التوجهِ وطرائق ِالاجتهاد الفقهي ،والتطبيق ِالعملي لما يؤمنون به من أفكار ٍومعتقدات ٍ، وأودُ أنْ أسوقَ فقرةً مما كتب أ/نبيل في مقاله ، وأرجو من القارئ العزيز أنْ يُعْمِلَ التفكيرَ فيها ،عَـلَّه يصلُ لشيءٍٍ يقول :-
وبعد مرور عشر سنوات علي مراجعات قادة «الجماعة الإسلامية» لمعتقداتهم الراديكالية، وإعلانهم التخلي عن العنف، قفز الإخوان علي الساحة في انتهازية تمثل تراثاً سياسياً لدي الجماعة منذ نشأتها، لهذا بحثت دوائر التفكير داخل النظام عن معالجة إستراتيجية لهذا المدّ الإخواني، الذي يشكل بالفعل خطراً داهماً علي الأمن القومي لبلد متعدد الأديان والثقافات كالمجتمع المصري.
ومن المعروف أن مراجعات الجهاد بدأت في أواخر التسعينات ، وتم تداولها على نطاق واسع مع بداية الألفية ، ولم تلق هذه المراجعات قبولا لأسباب عديدة منها أنها كتبت تحت وطأة عصا الجلادين ،لتكون خلاصا من لجج السجون ، غير أنها خرجت من طور المراجعة إلى شكل من أشكال الردة الكاملة عن الأفكار والمعتقدات والأفعال ، ولست الآن بصدد تقييمها ، لكن النكتة أن الكاتب يربط بين ظهور المراجعات ، وقفز الإخوان الانتهازي إلى مسرح الأحداث ، فهل يقول بذلك عاقل ؟
ثم النكتة الأهم عن دوائر التفكير داخل النظام ،والمعالجة الإستراتيجية للمد الإخواني ، ويبدو أن الكاتب لم يعد ينزل إلى الشارع ،ليرى بنفسه انحسار وجود الجماعة والرفض الشعبي لها ، ناهيك عن اتهامه للنظام بأنه يفكر ويضع الإستراتيجيات لاستخدام السلفيين لوقف المد الإخواني ، وهذا ربما ظهر بشكل جلي على مستوى الإعلام ، وهذا مما لا يستطيع النظام المستبد ردعه في زمن السموات المفتوحة ، نهاية لابد أن أوضح للكاتب أن الدعوة السلفية لا تعترف بالتنظيم ولا تقره ،وتراه شرا مستطيرا ، لا يجب اللجوء إليه مهما كانت الأسباب ، كما أن السلفيين - في مجموعهم - لا يهتمون بمتابعة الشأن العام ولا يطالعون الصحف ، بل ويذهب فريق غير قليل منهم إلى حرمة اقتناء أجهزة التلفزة ، وهم لذلك لا يعيرون النظام أدنى اهتمام مع إقرارهم بأن الهلاك هو مصير من يخالف شرع الله وسنة رسوله ، والأدهى والأمر من ذلك هو قولهم في الوطنية حيث يرون أنها جاهلية ،وأنها صورة من صور العصبية التي نهى عنها الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، والحديث عن الفكر السلفي وغيره من الأفكار هو ما يجب أن يكون موضوع الحديث ، لا هذه الترهات التي يطرحها الكاتب ومن هم على شاكلته .
الأحد، 14 سبتمبر 2008
النظام الكارثة
الأحد، 31 أغسطس 2008
الجمعيات الأهلية بين مطرقة الأمن وسندان التضامن
الاثنين، 28 يوليو 2008
إلى المعلم النبيل د/ المسيري

وبَعْضُ احْتِمَالك نَصْرْ
لكفين من أدمع ٍ وانتظار ٍ
تناسيتُ جُرحًا
يُساومُ مني النزيفَ
لِيرْسُمَ باقة َ ورد ٍ
على وجهِ نهرْ
أروم لعينيك نبضَ الحياةِ
أيمِّمُ صوبَ احتراقك
علّي أقرْ
أعناق فيك النشيد المرنم
منذُ اكتمالِ التمني
ومنذُ احتدام الخطرْ
أما زلتَ تركضُ تحلمُ تدنو
تُضِيء الدّروبَ كصبح ٍ أغرْ ؟
وتمرحُ قـُربَ انحسار الأغاني
وحيدًا كنجم ٍ
إذا ما تبدَّى
بُعَيْدَ انقضاءِ السفرْ
فتسأمُ من ألم الممكنات
وتجثو تداعبُ وجهَ القمر
أفي الموتِ شكٌ
تَنَادَيْتَ
صَوتك مِلءُ الهجير
ورجعُ صداه
يصوغُ رؤىً وفِكَرْ
فكيفَ ارتحلتَ ؟
وكيفَ تركتَ لقلبك أنْ يستريحَ
وأن يقتفيكَ على باب ِ مصرْ ؟
الجمعة، 11 يوليو 2008
قانون تنظيم البث الفضائي
الخميس، 10 يوليو 2008
عندما تغيب الدولة ?
الخميس، 3 يوليو 2008
لانقول وداعا
الاثنين، 21 أبريل 2008
رئيس الحكومة
الخميس، 10 أبريل 2008
ميلاد الثورة
الاثنين، 7 أبريل 2008
فخامة العنيد الأكبر
الأحد، 6 أبريل 2008
الرئيس الأزمة
تباينت ردود الأفعال بعد اجتماع السيد الرئيس بالمجموعة الوزارية والسيد محافظ دمياط لمناقشة مشروع المصنع الذي يجري إنشاؤه على أرض رأس البر والذي يعتبر وجوده خطرا داهما على البيئة ،واستمع سيادته إلى كلمة الدكتور نظيف الذي قال أن حجم الاستثمارات في هذا المشروع تتجاوز المليار ونصف وأنه لا مجال للتراجع عن إنشائه حيث أن الأموال التي دفعت (راحت لأصحاب نصيبها ) ولا مجال لردها.وعندما تكلم محافظ دمياط وقال أن المشروع يمثل تدميرا للبيئة برأس البر وهي من أهم المناطق السياحية وحجم الثروة العقارية بها يفوق بكثير حجم الاستثمارات في هذا المشروع ، وأن هذا المشروع تم طرده من جميع دول العالم التي تحترم إنسانية شعوبها ، قام الرئيس الفذ بتعنيفه واتهامه أنه لا يفهم شيئا وأن تبنيه لهذا الموقف الرافض قد أثار الذعر في قلوب الأهالي ،وأن عليه أن يجند نفسه ومعه مجموعة من الوزراء المعنيين لإفهام الناس ما عميٌَ عليهم من حقائق حول أهمية هذه الصناعة وفائدتها لمصر ،وكونها آمنة ولا يترتب عليها أي أخطار ،كما طالب سيادته بسرعة شق قناة ملاحية جديدة لفصل مساحة 1000 فدان من رأس البر لإلحاقها بمجمع سيادته للبتروكيماويات ......... ليس في كل ما ذكرته مسبقا أدني تهريج بل هو الحقيقة بعينها ، فالرئيس الأزمة لا زال يفيض علينامن نبع حكمته الذي لا ينضب ، بل ويدلي بدلوه في مجال الهندسة فيأمر بشق القنوات وإعادة تقسيم المدن ، وفصل الشمال عن الجنوب بمانع مائي حرصا على حياة الناس ومستقبل أبنائهم ، ما هذه الحكمة المصفاة ،لا فض فوك ،وليمت حاسدوك ، نعم الرأي ما قلت به ،كيف تعامينا عن هذه لاالحقائق الناصعة التي توصلت إليها بحكمة قل أن توجد في هذا الزمان ، رغم أنك لم ترجع إلى دليل التفتيش على صناعة الأسمدة النتروجينية ،ولم تقرأ تقارير منظمة الصحة العالمية والتي أدرجت هذه الصناعة على رأس القائمة السوداء وربما لم تسأل عن قيمة رأس البر التاريخية والجغرافية والسياحية ، لم تطالع سطرا واحدا عن الموضوع ومع ذلك اتهمت شعبا بأكمله بالجهل ومحافظا هو في الأصل دكتور في الهندسة بعدم التدقيق قبل اتخاذ القرار ،ثم هـا أنت تصدر توجيهاتك ،لسرعة إفهام الناس ما لاطاقة لهم على فهمه ، وهو أن يموتوا في صمت دون ضجيج ربما يقض مضجع من عنده بقية من ضمير ، أيها الرئيس الأب دمت لنا ودامت لنا حكمتك التي هي مضرب الأمثال في كل زمان ومكان ... وحسبنا الله ونعم الوكيل .
الثلاثاء، 1 أبريل 2008
نظام قتل المصريين
سمعت اليوم نكته سوداء تقول أن عبد الناصر استطاع أن يخرج الإنجليز من مصر ،واستطاع السادات – الذي أبغضه بشده- أن يخرج الإسرائليين من مصر أما مبارك فقد استطاع وبجدارة أن يخرج المصريين من مصر ،هكذا إذن يواجه المصريون نظام الحكم المستبد بالسخرية اللاذعة والتنكيت الذي لايخلو من خفة ظل واضحة يكتنفها السواد ،ونستطيع أن نطلق على نظام مبارك أنه نظام قتل المصريين ، ودليلنا في ذلك الإحصاءات الرسمية التي تؤكد أن عدد المصريين الذين لقوا حتفهم قتلا وشنقا وإحراقا وإغراقا وإمراضا وبطرق أخرى خلال السبعة والعشرين عاما الماضية ،هم أكثر وبكثير ممن قدمتهم مصر على مذبح الشهادة خلال حروبها الطويلة ضد الكيان الصهيوني ناهيك عن الأعداد التي لايعلمها إلا الله التي هاجرت إلى مختلف دول العالم والتي تقول بعض التقديرات أنهم يتجاوزون الملايين الخمسة ، والحقيقة أنني لاأفهم غاية العصابة التي تحكم مصر من تفريغها من سكانها ، وربما أعزو ذلك إلى أنهم يريدون تأجيرها بنظام الشقق المفروشة أو بيعها كما هو حادث ببخس الثمن ، واللا فت للنظر هو أن عجلة الإبادة التي تديرها الطغمة الحاكمة بدأت تسرع في دوراناها بشكل كبير ، وكأنه لم يعد مرضيا لهم أن يحرق بضع مئات في قطار أو أن يغرق ألفا في البحر أو أن يسجن ثلاثون ألفا في المعتقلات في ظروف هي أقرب للموت منها إلى الحياة، فتفتق ذهنهم عن طريقة سريعة للإبادة ألا وهي استقدام مصانع الموت التي طردت من جميع دول العالم المتقدم وبعض دول العالم النامي (الأرجنتين نموذجا )لتعمل في مصر ولتصدر إنتاجها بالكامل للخارج ، وعلى سبيل المثال فإن الشركة الكندية (أجريوم ) والتي منحت ترخيصا بإقامة مصنع للأسمدة النتروجينية في مصر(منطقة رأس البر بدمياط ) والتي أعطيت أيضا امتياز إنشاء رصيف خاص داخل الميناءلتصدير إنتاجها دون عمل مزايدات أوخلافه ، كانت قد حصلت على موافقات الجهات المختصة ، رغم أن الأعمال الفعلية التي تقوم بها الشركة تخالف كل ما ورد في دراسة تقييم الأثر البيئي والتي قدمتها الشركة لجهاز شئون البيئة ،كما أنها ستستخدم مياه عذبة بمعدل (1200متر مكعب /ساعة) فانظر كيف تهدر مياه النيل بينما المصريون يموتون عطشا في قرى الدلتا وكانت الشركة قد أعلنت أنها سوف تستخدم مياه البحر في عمليات التبريد اللازمة للإسالة ، ونحن نعلم تمام العلم كيف تم تمرير هذه الموافقات ولصالح من ،والهدف واضح ألا وهو تكديس الثروات حتى ولو كان الثمن حياة ملايين المصريين ،بل وتدمير البيئة نفسها ومن ثم إعادة مصر بكاملها مئات السنين للوراء ، ويبدو أن مبارك قد عدل خطته أخيرا حتى يحقق هدفه المنشود ألا وهو إفراغ مصر من المصريين ليس بإخراجهم منها بل بإخراجهم من الحياة كلها إن استطاع ،ووالله ماهو بمستطيع .