الثلاثاء، 27 يوليو 2010

ماراثون الرئيس

بافتراض حسن النية في كل من يتصدى للحديث في الشأن العام من السادة المسئولين أحاول جاهدًا أن أصدق كل ما يدلون به من تصريحات ، كما أحترم أيضًا أنَّ بعض تلك التصريحات تحتاج إلى شيءٍ من التفكير وإعمال العقل لأخذ العبرة والعظة واستلهام الدروس المستفادة ، وفي كثير ٍمن المرات أضبط نفسي متلبسًا بالاستلقاء على الأرض من شدة الضحك ، إذ أن بعض ما يصرِّح به هؤلاء السَّادة لا يخلو من طرافةٍ وخفة ظل ٍملفتةٍ للنظر ومشجعةٍ لمحبي النكتة من أبناء شعبنا الظريف . ومن أطرف ما سمعنا في الأيام الأخيرة من تصريحات كان تصريح السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إذ قال (( إنَّ العاملين فى مؤسسة الرئاسة وبقية الوزارات يلهثون وراء السيد الرئيس ؛ ليواكبوا سرعة حركته لأنَّ الرئيس لا يكلُّ من العمل وذلك من منطلق حرصه على متابعة جميع التقارير اليومية والاتصالات التى يتلقاها ويجريها مع كل من يعمل بالعمل السياسى فى مصر)) . هذا التصريح الخطير الذي أدلى به سيادة السفير يفصح عن أمور ربما تغيب عن أذهان العامة أولها وأخطرها من وجهة نظري هو ضعف اللياقة البدنية الواضح والخطير لدى العاملين بمؤسسة الرئاسة وبقية الوزارت ،مما يؤكد الحاجة الملحة إلى عودة اليوم الرياضي إلى مدارسنا على اختلاف مراحلها ، كما تؤكد هذه التصريحات وجوب الاستفادة القصوى من فترة الإجازة الصيفية في ممارسة الأنشطة المدرسية ، وفي المقدمة منها النشاط الرياضي . كما يتعين علينا تحديد الجهة المسئولة عن لياقة العاملين بمؤسسة الرئاسة ؛ وذلك لبدء المحاسبة فورا على التقصيروالإهمال في العمل وما ترتب على ذلك من لهاثٍ بدا واضحًا للعيان قام به العاملون بالمؤسسة المرموقة بقصد المواكبة لتحركات سيادة الرئيس التي لم تخل من رشاقة ملحوظة ، أمَّا مكمن الخطورة في الأمر، فهو أنَّ هؤلاء العاملين يصلون إلى درجة المواكبة ( ملاحقة الموكب ) بشق الأنفس ، مما يجعلهم غير مؤهلين لحماية الرئيس إذا عرض له عارض لاقدر الله . والأخطر من ذلك أن يظلَّ السيد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ساكتًا حيال هذا الأمر الجلل ، ولا يرفعه إلى أعلى المستويات لاتخاذ اللازم ، ولا يحركه للحديث بهذا الشأن سوى حديث بعض الصحف العربية والغربية عن صحة السيد الرئيس ، ثم هو بعد ذلك يربط عدم إحساس الرئيس بالكلل من العمل بالحرص على متابعة التقارير اليومية والاتصالات ، وهو ربط في غير موضعه إذ أنَّ درجة الحرص هذه يمكن أن تقل لأي سببٍ من الأسباب مثل عدم أهمية هذه التقارير أو تكرارها أو احتوائها على أمور لاتسر ، فهل سيشعر الرئيس ساعتها بالكلل ؟ ثم ألم يفطن السيد السفير إلى خطورة استخدام لفظ الحرص وهو كما يقول المثل العربي قد أذل أعناق الرجال ، ثمَّ يزعم بعد ذلك أنَّ الرئيس يتلقَّى ويجري اتصالات مع كل من يعمل بالعمل السياسي في مصر ، ألم ينتبه سيادة السفير إلى خطورة ذلك التعميم ، الذي ربما يُفٍْهَمُ منه أنَّ الرئيس يتَّصل بالمحظورة أو ما شاكلها من جماعات وحركات تنهمك في العمل السياسي ليل نهار .فكيف تَأتَّى للرجل وهو مَنْ هو أن يقع في هذا الكم الهائل من الأخطاء في تصريح لم يتجاوزْ الأسطر الثلاث ؟ هل كان الدافع إلى ذلك هو نفي تلك الشائعات السخيفة عن صحة الرئيس أم كان ذلك بدافع التأكيد على استحالة أن تجرى طبائع الأمور كالمرض والعجز والوهن على سيادة الرئيس ؟ وهل هذا الأمر يحتاج إلى تأكيد يثير في طريقه كل هذا النقع من التشكك والارتياب ؟ يبدو واضحًا وجليًا أنَّ السيد السفير قد أساء جدًا من حيث أرادَ الإحسان ، كما يبدو أيضا أنه أثار بتصريحه هذا سحبًًا من الأسئلة حول كفاءة مؤسسة يعتز بها كلُ مصري يعيش على أرض هذا الوطن وخارجه ، مما يدفعنا دفعًا أن ننادي جميعًا ونحن على قلب رجلٍ واحدٍ باتخاذ كافة التدابير اللازمة لإيقاف هذه الحالة من اللهاث غير المحمود قبل أن تتحول إلى حالة من انقطاع الأنفاس ، تتسبب في حدوث مالا تحمد عقباه .

ليست هناك تعليقات: