الاثنين، 3 أغسطس 2009

إنقاذ مصر

دعا المرشد العام للإخوان المسلمين عقلاء الحكومة والحزب الوطني إلى لعب دور في وقف الحملة الموجهة من قبل النظام ضد الجماعة ، وكانت الجماعة قد دعت شرفاء المصريين للحوار والتعاون من أجل مصلحة مصر ، وكان فضيلة المرشد قد وجه رسالة إلى معتقلي الجماعة جاء فيها أن أعضاء الجماعة اعتقلوا لتحقيق أهداف صهيونية أمريكية غربية تتمثل في تصفية القضية الفلسطينية، وتمرير المشروع الغربي القائم على الانفلات من الأخلاق والدين. جرت كل هذه التصريحات والدعوات خلال الأيام القليلة الماضية واللافت للنظر في تصريحات فضيلة المرشد أن هناك تضاربا واضحا بين اتهام النظام المصري بتنفيذ أجندة صهيوأمريكية متمثلة في اعتقالات أعضاء الجماعة ودعوته عقلاء الحزب والحكومة إلى لعب دور لوقف هذه الحملة ، وتزامن ذلك مع الدعوة التي وجهتها الجماعة إلى الشرفاء من أبناء مصر للحوار والتعاون من أجل مصلحة مصر فيما عرف إعلاميا بالدعوة لإنقاذ مصر ، وهنا يبدو الخلط واضحا بين ما يتهدد الجماعة من أخطار وما تعانيه البلاد من أزمات بسبب سياسات النظام المصري ، ويبدو واضحا أن جماعة الإخوان المسلمين لازالت وإلى اللحظة الراهنة تتمتع بممارسة لعبة التماهي في الدين والوطن بوصفهما كيانات يمكن دمجها في الجماعة بحيث يصبح الهجوم على الجماعة هو هجوم على الإسلام ، وتصبح الاعتقالات التي تستهدف أعضاء الجماعة هي لتصفية القضية الفلسطينية ويصبح إيقاف الحملة الموجهة لقيادات الإخوان هو السبيل لإنقاذ مصر ، وهذا إنما يسترعي انتباه الكافة إلى حجم الالتباس في فكر الجماعة ومنهجها ، وهذا ما أكده الدكتور عصام العريان في قناة الجزيرة عندما صرح أن عقلاء النظام المصري – الذي رفض أن يسميهم – مبعدون عن مراكز صنع القرار المحتكر من قبل جماعات المصالح ورجال الأعمال المقربين من نجل الرئيس ، مما يؤكد أن الحديث عن عقلاء النظام هو حديث يفتقر إلى الموضوعية ،وإن كان لا يخلو من طرافة ، فالنظام المصري الذي دأب على وصف الجماعة بالمحظورة عبر وسائل إعلامه المختلفة لم يتورع عن مغازلة الجماعة وخطب ودها في كثير من المواقف ، في مقابل ذلك التزمت الجماعة الصمت لوقت طويل تجاه الجدل الدائر حول قضية توريث السلطة في مصر ، إلى أن أعلن الدكتور محمد حبيب النائب الأول لفضيلة المرشد ((أن الإخوان المسلمين لن يعارضوا سعي جمال مبارك إلى المنصب إذا ترافق ترشيحه مع إصلاحات مثل إلغاء قانون الطوارئ وإعادة الحريات المدنية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وهي شروط قال حبيب إنه ليس من المرجح أن تفي بها مصر)). وكان الدكتور حبيب قد صرح أن خوض مواجهة مفتوحة مع النظام بشكل منفرد هو أمر تستبعده الجماعة ، ويبدو واضحا أن الجماعة تلتزم خطا يحافظ على تصنيفها كجماعة معارضة في الشارع مع الحفاظ على شعرة معاوية بينها وبين النظام والذي لا يطمح بدوره إلى إنهاء وجود الجماعة لما تمثله من قوة داعمة لبقائه واستمراره بوصفها البديل الأسوأ للنظام من وجهة النظر الصهيو أمريكية ، كما أن اختصار جميع البدائل في الجماعة يعد هو الاختيار الأكثر يسرا لقوى الداخل التي تستدعي التاريخ الدموي للإخوان بمناسبة وبدون مناسبة ، مما يؤكد أن العلاقة بين الإخوان والنظام لن تشهد حسما على المدى القريب ؛ لكون كلا الطرفين ملتزمان إلى حد كبير بشروط الصراع وآلياته ، مع وجود هامش للمناوشة بين الطرفين يوهم بالحراك ويستدعي حيوية غير حقيقية للمشهد السياسي الراكد ، وليس بعيدا عن كل ما سبق أن نستعرض موقف الجماعة من اعتقال اثنين من كبار أعضائها وهما المهندس خيرت الشاطر والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ففي حين أقامت الجماعة الدنيا ولم تقعدها لاعتقال المهندس خيرت الشاطر ، تعاملت الجماعة مع اعتقال الدكتور أبو الفتوح بفتور ، حتى تقوَّل البعض كلاما مرسلا عن نجاح الجماعة في التخلص من أبو الفتوح الذي استطاع خلال الأعوام القليلة الماضية استقطاب الكثير من شباب الجماعة نحو رؤية إصلاحية أكثر انفتاحا على الواقع ، وأذكر أن الرجل كان قد صرح أنه لم يعرض عليه برنامج حزب الإخوان ،وأنه كان قد قرأه كغيره على أحد المواقع الإلكترونية ، إن موقف الجماعة من كلا الرجلين ومن اعتقالات أعضاء الجماعة ومن الدعوة التي أطلقها المرشد يؤكد استعداد فضيلته ومن معه للعمل بكل قوة لإنقاذ مصر بشرط أن نتفق ضمنيا أن اسم مصر هو الاسم الحركي لجماعة الإخوان المسلمين .

ليست هناك تعليقات: