الأحد، 24 مايو 2009

مصر بين زيارتين


منذُ أيام ٍودَّعت مصرُ الرسمية ُرئيسَ الوزراءِ الصهيوني بنيامين نتنياهو بعدَ زيارة ٍاستمرت لعدةِ ساعات ٍالتقى خلالها الرئيسَ المصري وجرتْ المباحثاتُ فيما بينهما حولَ العلاقات ِالثنائية بينَ مصرَ ودولةِ الكيان الصهيوني ،مما أنتجَ تطابقاً في الرؤى ووجهاتِ النظر بخصوص ِ الخطرِ الإيراني الذي أصبحَ وشيكاً ، مما يلزمُ شركاءَ السلام بسرعةِ التحرك المبني على التنسيق الكامل ، والذي لا يقبلُ المفاجآت ، وهذه بالذات كانت أولى أمنيات الرئيس الأمريكي باراك أوباما حينَ سمعَ عن تطابق وجهة النظر الصهيونية ووجهات النظر لدى أطرافٍ عربيةٍ ( مصر والأردن ) حولَ الخطر الإيراني حيثُ قال أنَّه يرجو ألا تفاجئ إسرائيل العالمَ بضربةٍ استباقيةٍ موجهةٍ إلى إيران ، وبالطبع فإنَّ الولايات المتحدة لنْ تفاجأ بأي ضربات استباقية أو التحاقية إنْ جازَ التعبيرُ ، لأنَّه من الواضح أنَّ تنسيقاً ما يتمُ بشكلٍ مكثفٍ للإعدادِ لهذه الضربةِ بينَ إسرائيل والولايات المتحدة وأطرافٍ عربيةٍ ( مجموعة ما يسمى بدول الاعتدال ) و لا أشك للحظة أنَّ اجتماعات سرية قد عُقِدَتْ وجمعتْ مسئولينَ إسرائيليينَ ومسئولينَ رفيعي المستوي ينتمونَ إلى دولٍ نفطيةٍ تتطابقُ رؤيتها للخطرِ الإيراني مع وجهةِ النظر الصهيو أمريكية ، إذن نحنُ أمامَ حالةٍ من التفاهم التَّام بين عدةِ أطرافٍ ما كان لها أنْ تتفقَ بهذا الشكل بعيدًا عن دوافعَ أصيلةٍ تحركُ كلَ طرفٍ صوبَ بغيته ، فإذا كانتْ الأهدافُ الصهيونيةُ واضحةً لا لبسَ فيها ، وإنْ تعددت ما بينَ محاولةِ إجهاض المشروع النووي الإيراني ، ومن كونها تعتبرُ حرباً بالوكالة لصالح الولايات المتحدة والتي لمْ تعدْ مؤهلةً في الوقت الراهن لدخول حربٍ على جبهة جديدة بعد المستنقع العراقي ، كما تسعى إسرائيلُ لإضعاف إيران الداعم ِالأكبر لسوريا التي لا زالتْ تشكلُ رافدًا رئيساً لدعم المقاومة الفلسطينية ، ولا ننسى أنَّ الهزيمةَ المخجلةَ التي نالتها إسرائيلُ في حرب تموز 2006 على يد حزب الله كانت بدعم إيراني غيرَ محدودٍ ، ويبدو أنَّ الإدارةَ الأمريكيةَ لها مبرراتها أيضا فمن ناحيةٍ هي لا تريدُ أن تخلعَ قناعَها الجديدَ الآن ، غيرَ أنَّها ربما تكون قد أدركتْ حقيقةَ الدور الإيراني في العراق ،والذي كانَ سبباً مباشرًا في تردي الأوضاع ، وساهمَ في صنع جزءٍ كبيرٍ من المأزق الأمريكي هناك ، ولا شكَ أنَّ الأطراف العربية المشاركة في هذا التحالف لها أهدافـُها الخاصَّة جدًا ، فمصرُ تسعى من خلال هذا التنسيق إلى تقديم أوراق اعتمادها للإدارة الأمريكية الجديدة بشكل يختلف عن ذي قبل ، فهذه هي المرة الأولى التي لا يخجل فيها نظام الرئيس مبارك من تطابق رؤيته مع رؤية الكيان الصهيوني ، ومعنى ذلك أنَّ الحربَ على إيران ستكون مصر فيها طرفاً صريحًا ، وساعتها لن تضطرَ مصرُ لإجراءات مثلَ قطع التَّيَّار الكهربي عن مدن القناة لعبور القطع الحربية الأمريكية ، كما أنَّ مصرَ والتي كانت قد فجرتْ قضيةََ حزبِ الله في الوقت المناسب تماماً ، رغم أنَّ أعضاء التنظيم كان قد أعلن عن القبض عليهم في أواخر العام الماضي وقُبيلَ العدوان على غزة ، وأسدت إلى إسرائيل أجل الخدمات بهذا الإعلان – حسب الصحف الإسرائيلية- لابد أن هدفها كان واضحًا ،وإنْ لم يكن معلنًا ، فمع قربِ الاستحقاق الرئاسي القادم يتوجبُ على الرئيس مبارك أنْ يسارعَ بحسم مسألة التوريث ، والتي لنْ تُحْسَمَ إلا بالرضا الأمريكي الكامل ، وكانت الترتيبات قدْ تمتْ لزيارة الرئيس المصري للبيت الأبيض ، تلا ذلك الإعلانُ عن زيارة أوباما لمصرَ في الرابع من يونيو وتوجيهه خطاباً للعالمين العربي والإسلامي ، زعمَ البعضُ أنَّه سيكون من داخل الأزهر الشريف ، وقدْ ترجمَ المسئولونَ المصريونَ هذه الزيارة ترجمةً فوريةً ، أكدتْ أنَّ نظامَ الرئيس مبارك يحظى بدعم وتأييد الإدارة الأمريكية الجديدة ، وهذا الحكم وإنْ كان سابقاً لأوانه ، إلا أنَّ هناك من الدلائل ما يشيرُ إلى أنَّ النِّظامَ المصري - وفي أقل من مئة يوم- استطاعَ أنْ يُقْنِعَ الأمريكيين بضرورة بقائه كحارس أمين لحدود الدولةِ العبرية ، مع القيام بالدور ذاته في حصار المقاومة عبر إغلاق المنافذ ، وعبرَ الضغطِ المباشرِ على حركةِ حماس للقبول بما فرضته إسرائيل على السلطة ورئيسها المنتهية ولايته ، بينما سيمارسُ الكيانُ الصهيوني ابتزازه الدائمَ لجميع الأطرافِ ، معتمدًا على الدعم الأمريكي ، ومشروعيةِ نظامه الديمقراطي ، وسطَ دولٍ استبداديةٍ ترفض الديمقراطية و تراوح مابين تزوير إرادة ِالشعوبِ وآمالِ التوريث .

ليست هناك تعليقات: