الأحد، 24 مايو 2009

تجربة الوسط

تَعَجَّبَ عَدَدٌ مِنَ المُهْتمَّينَ بِالشَّأنِ العَام مِنَ الخُطْوَةِ التي أقْدَمَ عليها مُؤسِسُو حِزْبِ الوَسَطِ ، بالتَّقَدُّمِ بِأوراقِ الحِزْبِ للَّجْنَةِ الأحْزَابِ بِمجلسِ الشُّورى للمَرةِ الرَّابعةِ ، وكَانَ مَثَارُ العَجَبِ في الأمْر ِهو كيفَ يتقدمُ مُؤسِسُو الحِزْبِ بطلبِ الحصولِ على شرعيةِ مُمَارسةِ العَمَلِ السِّياسِي من نظامٍ يعلمُ القاصي والدَّاني أنَّه فاقدٌ لأي شرعيةٍ ، والحقيقةُ وكَمَا هو معلومٌ أنَّه لا يختلفُ اثنان مِنَ المنصفينَ من أبناءِ هذه الأمةِ أنَّ الوسطَ جديرٌ بالحُصُولِ على الرُّخْصَةِ التي تؤهله للممارسةِ السِّيَاسِية الكاملةِ لكافةِ الأنشطة الحزبية ، وكَمَا هو معلومٌ فقد تعاملَ الحزبُ وقياداتُه ومنذُ يوم السادس من يناير (كانون الثاني)2007 مع بيان مجلس الدولة بِكلِ موضوعيةٍ ، وقدْ وضعَ المؤسسونَ نُصْبَ أعينِهم استيفاءَ جميع الشروطِ التي وردتْ في القانون المعدل لعام 2005 ، وكانَ تقريرُ هيئة مفوضي الدولة برئاسة المستشار فريد تناغو قد أقرَّّ بتميز الحِزبِ في برنامجه عَنْ كَافَّةِ الأحْزابِ القائمةِ ، ومِنْ ثمَّ فإنَّ التراجعَ عَنْ التَّقدمِ بالأوراقِ مع إمكانيةِ استيفاءِ هذه الشُّروط ،كان سيصبحُ بمثابةِ العودةِ إلى المربع رقم صِفر ، ومع إيمان مؤسسي الحِزْبِ أنَّ وجودَ حزبٍ سياسي يمثلُ تيار الوسطيةِ هو ضرورةٌ سياسيةٌ واجتماعيةٌ ، كما أنَّ الاستقراءَ الدقيقَ لواقع الأحزابِ السِّيَاسِيةِ المِصْرِيةِ يُعدُّ دافعاً إلى إحداث حالةٍ من التغيير على مستوى الرؤى والأفكار والممارسة الحزبية ، ولا أكونُ مغاليًا إذا قلتُ أنَّ التَّقَدُمَ بأوراق الحزب للمرة الرابعة كانَ فعلاً وطنيًا قُدِّم فيه العَامُ على الخاصِّ ، وكانَ القَصْدُ فيه مصلحةَ الوطنِ دونَ غيرها ، وقدْ ثَارتْ بعضُ التساؤلات حَوْلَ جدوى التقدم بالأوراق مع فرضية أن اللَّجنة المختصة ستبادرُ بالرفض ،وربما دونَ قراءةٍ متأنيةٍ لأوراق الحزب وبرنامجه ، ونحنُ هنا نُسلِّم ببعض الصِّحةِ لهذا الطرح ،ولكننا معنيون في المقام الأول بأخذ زمام المبادرة ، وفتح الطريق أمام فئة غير قليلة من المجتمع المصري ترى أنَّه لابدَّ من وجودِ الطريق الثَّالث الذي يلوذُ به المخلصونَ من أبناءِ هذا الوطن بعيداً عن التفريط والإفراط ، وأظنُّ أنَّ رؤيةَ الوسطِ قد تَبَلْورتْ في الآونةِ الأخيرةِ إزاءَ العديدِ من القضايا ، ومن أهمِها التناولُ الموضوعي لتاريخ مصرَ المعاصرِ - ما بعدَ ثورةِ يوليو- دونَ المغالاةِ في الانحيازِ لفترةٍ بعينها أو الغفرانِ التَّام لكل ما ارتُكبَ فيها من خطايا ، ومن ثمَّ إلصاق كل النقائصِ بالفترةِ التي أعقبتها أو سبقتها على حدٍ سواء ، تَبَلْورُ تلكَ الرؤيةِ حدا بالقائمينَ على الحِزبِ ممن أسْهَمُوا في وضع برنامجه ، إلى التخلص من التفكير الأحادي الذي يقومُ على الدجمائيةِ التي أوردتْ العديدَ من الأيدلوجيات مواردَ الضَّيَاع ،وقدْ حدثَ هذا في غير تغييبٍ للإطار العام الذي يحمي الفكرةَ الرَّئيسةَ ويصونها من التماهي في معتركِ الأفكار المتدافعةِ ، ومع ذلكَ فقدْ بَدَتْ الشَّجَاعةُ واضحةً في برنامج الحزبِ ، إذْ تمَّ من خلاله الإعلانَ عن رؤيةِ الحزب في قضايا شائكةٍ كالحريات الدينيةِ وولايةِ المرأةِ والأقباطِ ، والتي كان المبدأُ في التعامل معها هو مَبْدَأُ المُواطنةِ الذي يقومُ على أساس أنَّ المصريينَ جميعاً سواء أمامَ القانون لهم نفسُ الحقوقِ كما أنَّ عليهم نفسَ الواجبات ، ونحنُ إذْ نطمحُ إلى وجودٍ قانوني نَسْعى من خلاله إلى خدمةِ هذا الوطن وأبنائِه ، ندركُ أنَّ الأوضاعَ في وطننا العزيز قابلةٌ للتبدل بينِ عشيةٍ وضحاها ، عازمينَ على المضي قدمًا في طريقنا الذي بدأ قبلَ ثلاثةَ عشرَ عامًا ، مدركينَ أنَّ صوتَ العقلِ إذا علا لابد أنْ يُسْمَعَ ، وأنَّ البابَ الذي يُطْرقُ باستمرارٍ لابدَّ أنْ يُفْتَحَ ، وليسَ في ما نقولُ ونعملُ تعلقٌ بخيوطٍ واهنةٍ للأمل بقدرِ ما هو الشعورُ بالتفاؤلِ القائمِ على حبِّ هذا الوطنِ ، والإيمانِ بحقه في العيشِ الحرِّ الكريمِ . إنَّ التجاربَ السِّيَاسِية لَيْسَتْ حِكرًا على أصحابها ،بل هي جزء من سياقاتِ التاريخ الذي من خلالِه تتطورُ الأممُ ،ومن دروسه تعي الشعوبُ أدوارها حتى تؤثرُ في رسمِ مستقبل الوطن ، فَمَنْ يمَْلِكُ المصادرةَ على هذه التجاربِ ، ومن يتجرأُ على إيقافها في لحظة ٍتكونُ البلادُ فيها أحوجُ ما تكونُ للجهودِ المُخْلِصَةِ مِنْ كَافَّة أبْنَائِها .

مصر بين زيارتين


منذُ أيام ٍودَّعت مصرُ الرسمية ُرئيسَ الوزراءِ الصهيوني بنيامين نتنياهو بعدَ زيارة ٍاستمرت لعدةِ ساعات ٍالتقى خلالها الرئيسَ المصري وجرتْ المباحثاتُ فيما بينهما حولَ العلاقات ِالثنائية بينَ مصرَ ودولةِ الكيان الصهيوني ،مما أنتجَ تطابقاً في الرؤى ووجهاتِ النظر بخصوص ِ الخطرِ الإيراني الذي أصبحَ وشيكاً ، مما يلزمُ شركاءَ السلام بسرعةِ التحرك المبني على التنسيق الكامل ، والذي لا يقبلُ المفاجآت ، وهذه بالذات كانت أولى أمنيات الرئيس الأمريكي باراك أوباما حينَ سمعَ عن تطابق وجهة النظر الصهيونية ووجهات النظر لدى أطرافٍ عربيةٍ ( مصر والأردن ) حولَ الخطر الإيراني حيثُ قال أنَّه يرجو ألا تفاجئ إسرائيل العالمَ بضربةٍ استباقيةٍ موجهةٍ إلى إيران ، وبالطبع فإنَّ الولايات المتحدة لنْ تفاجأ بأي ضربات استباقية أو التحاقية إنْ جازَ التعبيرُ ، لأنَّه من الواضح أنَّ تنسيقاً ما يتمُ بشكلٍ مكثفٍ للإعدادِ لهذه الضربةِ بينَ إسرائيل والولايات المتحدة وأطرافٍ عربيةٍ ( مجموعة ما يسمى بدول الاعتدال ) و لا أشك للحظة أنَّ اجتماعات سرية قد عُقِدَتْ وجمعتْ مسئولينَ إسرائيليينَ ومسئولينَ رفيعي المستوي ينتمونَ إلى دولٍ نفطيةٍ تتطابقُ رؤيتها للخطرِ الإيراني مع وجهةِ النظر الصهيو أمريكية ، إذن نحنُ أمامَ حالةٍ من التفاهم التَّام بين عدةِ أطرافٍ ما كان لها أنْ تتفقَ بهذا الشكل بعيدًا عن دوافعَ أصيلةٍ تحركُ كلَ طرفٍ صوبَ بغيته ، فإذا كانتْ الأهدافُ الصهيونيةُ واضحةً لا لبسَ فيها ، وإنْ تعددت ما بينَ محاولةِ إجهاض المشروع النووي الإيراني ، ومن كونها تعتبرُ حرباً بالوكالة لصالح الولايات المتحدة والتي لمْ تعدْ مؤهلةً في الوقت الراهن لدخول حربٍ على جبهة جديدة بعد المستنقع العراقي ، كما تسعى إسرائيلُ لإضعاف إيران الداعم ِالأكبر لسوريا التي لا زالتْ تشكلُ رافدًا رئيساً لدعم المقاومة الفلسطينية ، ولا ننسى أنَّ الهزيمةَ المخجلةَ التي نالتها إسرائيلُ في حرب تموز 2006 على يد حزب الله كانت بدعم إيراني غيرَ محدودٍ ، ويبدو أنَّ الإدارةَ الأمريكيةَ لها مبرراتها أيضا فمن ناحيةٍ هي لا تريدُ أن تخلعَ قناعَها الجديدَ الآن ، غيرَ أنَّها ربما تكون قد أدركتْ حقيقةَ الدور الإيراني في العراق ،والذي كانَ سبباً مباشرًا في تردي الأوضاع ، وساهمَ في صنع جزءٍ كبيرٍ من المأزق الأمريكي هناك ، ولا شكَ أنَّ الأطراف العربية المشاركة في هذا التحالف لها أهدافـُها الخاصَّة جدًا ، فمصرُ تسعى من خلال هذا التنسيق إلى تقديم أوراق اعتمادها للإدارة الأمريكية الجديدة بشكل يختلف عن ذي قبل ، فهذه هي المرة الأولى التي لا يخجل فيها نظام الرئيس مبارك من تطابق رؤيته مع رؤية الكيان الصهيوني ، ومعنى ذلك أنَّ الحربَ على إيران ستكون مصر فيها طرفاً صريحًا ، وساعتها لن تضطرَ مصرُ لإجراءات مثلَ قطع التَّيَّار الكهربي عن مدن القناة لعبور القطع الحربية الأمريكية ، كما أنَّ مصرَ والتي كانت قد فجرتْ قضيةََ حزبِ الله في الوقت المناسب تماماً ، رغم أنَّ أعضاء التنظيم كان قد أعلن عن القبض عليهم في أواخر العام الماضي وقُبيلَ العدوان على غزة ، وأسدت إلى إسرائيل أجل الخدمات بهذا الإعلان – حسب الصحف الإسرائيلية- لابد أن هدفها كان واضحًا ،وإنْ لم يكن معلنًا ، فمع قربِ الاستحقاق الرئاسي القادم يتوجبُ على الرئيس مبارك أنْ يسارعَ بحسم مسألة التوريث ، والتي لنْ تُحْسَمَ إلا بالرضا الأمريكي الكامل ، وكانت الترتيبات قدْ تمتْ لزيارة الرئيس المصري للبيت الأبيض ، تلا ذلك الإعلانُ عن زيارة أوباما لمصرَ في الرابع من يونيو وتوجيهه خطاباً للعالمين العربي والإسلامي ، زعمَ البعضُ أنَّه سيكون من داخل الأزهر الشريف ، وقدْ ترجمَ المسئولونَ المصريونَ هذه الزيارة ترجمةً فوريةً ، أكدتْ أنَّ نظامَ الرئيس مبارك يحظى بدعم وتأييد الإدارة الأمريكية الجديدة ، وهذا الحكم وإنْ كان سابقاً لأوانه ، إلا أنَّ هناك من الدلائل ما يشيرُ إلى أنَّ النِّظامَ المصري - وفي أقل من مئة يوم- استطاعَ أنْ يُقْنِعَ الأمريكيين بضرورة بقائه كحارس أمين لحدود الدولةِ العبرية ، مع القيام بالدور ذاته في حصار المقاومة عبر إغلاق المنافذ ، وعبرَ الضغطِ المباشرِ على حركةِ حماس للقبول بما فرضته إسرائيل على السلطة ورئيسها المنتهية ولايته ، بينما سيمارسُ الكيانُ الصهيوني ابتزازه الدائمَ لجميع الأطرافِ ، معتمدًا على الدعم الأمريكي ، ومشروعيةِ نظامه الديمقراطي ، وسطَ دولٍ استبداديةٍ ترفض الديمقراطية و تراوح مابين تزوير إرادة ِالشعوبِ وآمالِ التوريث .

السبت، 2 مايو 2009

ماذا بعد ؟


في كثير ٍ من الأحيان يتصورُ البعضُ أنَّه ليسَ هناكَ ثِمَّة أملٌ في تحسن ِ الأوضاع ِالسياسيةِ والاقتصاديةِ في مصرَ ، في ظل ِ نهم ٍ غير طبيعي للنهبِ المنظم ِ والعشوائي الذي تمارسُهُ الطغمة ُ الحاكمة ُ في مصرَ ، ولعلَّ استقراءَ التاريخ ِ في هذا الظرفِ الراهن ِ يعدُّ ترفاً لدى الكثيرين ، إذْ أصبحَ الحديثُ عن سقوطِ هذه الطغمةِ أقربَ إلى الأماني منه إلى الآمال القابلةِ للتحقق ، هنا تصبحُ جميعُ الممارسات المناوئةِ لسياسات هذه الطغمةِ كالاعتصامات والإضرابات والاحتجاجات أقربَ إلى الطقوس ِ اليوميةِ العبثيةِ منها إلى الفعل ِالإيجابي الحقيقي ، يحدثُ ذلكَ في ظل استغراق ٍ تام ٍ من قبل أصحابِ الأقلام ِ الوطنيةِ في توصيف ِ الواقع ِالراهنِ ومدى ترديه ،دونَ اقتراح أيةِ حلول ٍ للخروج من هذا النفق ِ المظلم ِ ، مما يدعمُ رأي البعض في أنَّ كتابات هؤلاءِ أصبحت عملاً ارتزاقياً ليسَ إلا ، بينما يغيبُ الشعبُُ المصريُ عن دوره الفاعل منشغلاً بمعالجة أسبابِ الحياة التي جعلتها سياسات المتحكمين شبهَ مستحيلةٍ ، وللعجب أنَّ هذا الشعبَ الذي يفلحُ دائمًا وأبدًا في ابتكار أسبابِ لغيابهِ ونكوصهِ وسلبيتهِ ، يكونُ على استعدادٍ تام للحضور للمشاركةِ في جدل ٍ عقيم حولَ توافه الأحداثِ و سفاسفِ الأمور ، مما حدا بالبعض أنْ يلجأ للتحليل النفسي للشخصيةِ المصريةِ التي تستجيبُ عندما تكونُ الاستجابة غير مجديةٍ بينما تغيب عندما يكونُ الغيابُ جريمة ً ، ومن العجيبِ أيضا أنْ تسمعَ بين بعض أوساطِ المنشغلينَ بالشأن العام لآراءٍ تقول بقدرية التغيير ؛ مستشهدة بالأحداث العالميةِ الأخيرةِ كالأزمةِ الاقتصاديةِ أو صعودِ أوباما أو ظهور الأوبئةِ التي تهددُ وجودَ البشرية ،معولة ًعلى أنَّ التغيير يمكن أن يأتي بشكل قدري لا دخلَ للشعب الخانع فيه ، وكأنَّ ما حدثَ لم يكن نتيجة ً حتمية ً لممارسات بشريةٍ قصديةٍ ، حركتها دوافعُ ترومُ غاياتٍ وأهدافاً ، وليست عنْ طريق الصدفةِ المبرَّأةِ ، لا أشك أبدًا في أنَّ كثيرًا مما نعانيه من أزماتٍ كان بسبب الفرديةِ والأناماليةِ والانكفاءِ على الذات التي كرستْ لها كثيرٌ من الأفكارِ والنظريات والفلسفات التي ارتبطتْ ارتباطاً وثيقاً بالرأسمالية المتوحشة والنظرةِ الماديةِ المنغلقةِ لكثير من الأمور ، وربما تخلقُ هذه الأزمات الكونية إحساساً جديدًا لدى البشر ِ ينحو منحى مختلفاً في اتجاه العمل الجماعي ، ويؤصل للمفاهيمِ الراسخةِ المتعلقةِ بأهميةِ الانضواءِ تحتَ لواءٍ يعلنُ أهدافاً واضحةً ويسعى نحوَ الإصلاح بكل قوته ، إنَّ آفة الفرديةِ تكمنُ في تأجيل التعامل مع المشكلات حتى آخر لحظةٍ ، بزعم أنَّها لم تحتكْ بعدُ بشكل مباشر مع المصلحة الشخصية ، وحينما تحينُ هذه اللحظة يكونُ الإنسانُ قدْ فقدَ قدرتَه على المواجهةِ ، ومن ثَمَّ فإنَّه لا يصبح قادرًا إلا على اختلاق مزيد من الأعذار التي تتيحُ له مزيدًا من السلبيةِ والتخاذل والقدرة غير المحدودة على تقديم التنازلات الواحد تلو الآخر ، إلى أنْ يصيرَ البقاءُ على قيد الحياة هو غايةُ المرادِ من رب العباد ، ولا شك أنَّ السلامَ الزائفَ مع النفس والذي تروجُ له الكثيرُ من الأبواق التي تعتمد الغيبيات منهجاً وحيداً للتعامل مع أحداث الواقع بقصد الإحالة والإرجاءِ لكل ما ينجمُ من ظواهر ومشكلات ، يمثل معادلاً غير موضوعي – في حقيقته – لكل ما يعانيه الإنسانُ المصري من ذل وهوان في كافة مناحي حياته . علينا إذن أن نترجم كثيرا من الأقوال إلى أفعال ، علينا أن نؤمن بالإنسان وبقدراته وطاقاته ، علينا أنْ نستلهمَ دروساً تفتح لنا آفاقاً أخرى تعتمدُ النضالَ ضد أعداء الحياة منهجاً راسخاً يقومُ على أساس ٍواضح ٍغير ملتبسٍ للعمل على إزاحةِ هذه الطغمة الباغية من على كواهلنا ، علينا أنْ ندعو للقطيعة التامة مع من ناصبوا المصريينَ العداءَ ، ونزلوا بقدر مصر إلى مستوى المفعول به لا الفاعل ، علينا أيضا أنْ نُلْقِمَ أفواه الكاذبينَ والمنافقينَ وحملةِ الأبواق والمباخر ، أحجاراً بحجم الهرم الأكبر ، علينا أن نقول للداعين إلى إرجاء الحساب إلى يوم الدين كفاكم كذبا على الله ، وأخيرا علينا أنْ نكونَ مستعدينَ لتقديم التضحيات ،لأن إزاحة الظالمين والمستبدين والطغاة لم تحدث في أي مكانٍ في العالم وعبرَ التاريخ الإنساني كلِه دونَ تقديم تضحياتٍ هائلةٍ ، إنَّ السعيَ الحثيثَ نحو الهدفِ أفضل من المراوحة ، وإلا فإن القادم أسوأ بكثير مما يظنُ أحدٌ .