الأربعاء، 10 يونيو 2009

بواكي أوباما


أثَارَتْ زيَارةُ الرَّئيس الأمريكي بَارَاك أُوْبَامَا لِمِصْرَ وخِطَابَُه فِي جَامِعَةِ القَاهِرةِ جَدَلا ًغَيْرَ مَسْبُوق ٍ تَنَوَّعَتْ فِيهِ الآرَاءُ بَيْنَ مُؤيدٍ مُتَفَائلٍ ومُعَارضٍ يَرَى أنَّه لَيْسَ ثَمَّة تَغَيرٌ يُذْكَرُ فِي الخِطَابِ الأمِريكي ، اللَّهُمَّ إلا هَذَاْ الاسْتِخْدَامُ المُفْرِطُ للحَدِيثِ العَاطِفي الذي لا ينبني عليه شيء ، وبينما رَأى أنْصارُ الفَريق ِ الأول أنَّ أُوْبَامَا بِتاريِخِه ورِحْلَةِ صُعُودِه يُمَثلُ نَذِيرًا عُرْيَانًا بِالتَّغْييرِ ، رَأى الآخَرونَ أنَّه مِثَالٌ واضحٌ لِلأزْمَةِ الأمْرِيكيةِ التي تُخَالِفُ ثَوابتَها عَلنًا ،وتؤكدُ عليها في الخَفَاءِ ، وبينما يَتَحَوَّلُ الجَدَلُ إلى مُساجَلاتٍ ومُلاسَنَاتٍ لا طائلَ من ورائِها بينَ أنصارِ الفريقين ،حيثُ مَثَّلتْ الزيارةُ بزمانها ومكانها ما اعْتََبَرهُ البعضُ دعمًا مُباشرًا لأعْتَى الأنْظِمَةِ الاستِبْدَاديةِ في المَنْطقةِ ، مما يؤكدُ تراجعًا واضحًا عَنْ التوجهِ نَحْوَ تَعْزيزِ الدِّيْمُقْرَاطِيةِ فِي الشَّرقِ الأوسط والذي لَوَّحتْ به الإدارةُ الأمريكيةُ السَّابقةُ ، وقَدْ تشي تلكَ التَّصَرُّفات أنَّ هناكَ تَغَيْرًا ما قََدْ طَََََََََََََََرَأ على السياسات الأمريكية ، ولَكِنَّ الوَاضحَ أنَّ هُنَاكَ تَخَبُطاً شديدًا ُربَّمَا يكونُ قْدْ نَتَجَ عَنْ الفَشَل الأمريكي الذَّريع على عِدةِ أصْعِدةٍ ،ليسَ آخرها الطَّلبُ الأمريكي المقدمُ لدى فَصَائل المُقَاومة الأفْغَانية لِمخاطبةِ عُقلاء طالبان ، وهولا يحملُ بالضرورةِ توجهًا جادًا نحوَ إنْهَاءِ الاحتِلال الأمريكي لأفغانستان ،بقدر ما يؤكدُ حَاجَةَ الأمريكيين إلى فرصةٍ لالتقاط الأنفاس ، وليسَ ثَمَّة شكٌ أنَّ الإدارةَ الأمريكية الجديدة تُعاني من ثقل تركةِ الإدارة الأمريكية السَّابقة ، في ظل نُدرة الخيارات المُتاحةِ للخروج من نَفَقِ الأزمةِ ، كما أنَّ هناكِ تعاميًا واضحًا عن الأسبابِ الحقيقيةِ لما تعانيه الولاياتُ المتَّحدةُ من أزماتٍ ، يرى كثيرٌ من المحللين المُنْصِفينَ أنَّ من أهم أسبابها الاستخدام المفرط للقوة في التعامل مع الأحداث التي بَدَأتْ مع بدايةِ الألفيةِ ، كما أنَّ خُُفُوتَ الأصواتِ التي نادتْ بَِرفْعِ يدِ الوصَايةِ الأمريكيةِ عَن الأنظمةِ الاستبداديةِ والتي كانتْ سببًا مباشرًا في تفشي أعمالِ العنفِ ضدَ المصالح الأمريكية في العالم ،يعدُّ مؤشرًا لركودِ الذهنية الأمريكية وعجزها عن التعامل بجديةٍ مع الحلول الإبداعيةِ للأزمة ، هنا يبدو بجلاءٍ أنَّ باراك أُوْبَامَا ما هو إلا تكريسٌ لفكرةِ الحل المجاني ، الذي يقومُ على الترويج للبلاغةِ الإنشائية التي تداعبُ العواطفَ ، عوضًا عن التغيير الحقيقي المطلوب بإلحاح والذي يبدو مكلفًا من وجهةِ نظر صُنَّاع القرارِ الأمريكي ، وفِيمَا يبدو أنَّ الوقتَ يمثلُ عاملا ًهامًا في استكشافِ الكثيرِ من الحقائق المتعلقةِ بزيارة أُوْبَامَا،طالما ظلتْ المُبَاحَثَاتُ الرئاسيةُِ المصريةُِ سراً كَهَنُوتيًا لا يجرؤُ أحدٌ على الخوض فيه ، لَكِنَّ المؤكدَ أنَّ الإدارةَ الأمريكيةَ كَعَادتها قَدْ تلقتْ الثَّمنَ سلفًا ، إذْ أنَّها لا تقايضُ على شيءٍ أصبحَ في حوزتِها بالفعل ،حَسْبَ تَعْبيرِ هنري كسينجر للرَّئيسِ السَّادات عَشِيَّةَ طردِ الخبراءِ السوفييت ، ومِمَّا يدعو للدهْشَة في هذا الصددِ هي المقدرةُ الفائقةُ للنظام المصري على ابتكارِ ما يمكنُ التنازلُ عنه من أجل تحقيقِِ مَصَالحٍِ تتعلقُ بالبقاءِ لأطول فترةٍ في حُكمِ البلاد ، وتبقى العلاقاتُ الأمريكيةُ الإسرائيليةُ كما هي خطًا أحمرَ لا يجوزُ المَسَاسُ به مع التأكيد ِعلى الأساطِيرِ المُؤسسةِ للسياسات ِالإسْرائيليةِ ، ووصْم ِكلِ مَنْ يعتقدُ خِلافَ ذلك بالجهلِ والتخلفِ العقلي إذا أمْكنَ،ولا مانعَ من الحديثِ عن تحفظٍ أمريكي بشأن التوسعِ في بناءِ المستوطنات وكذلكَ الحديثِ عن الأماني الأمريكية الطامحة إلى حل الدولتين ،دون أي التزاماتٍ بالسعي الجادِّ للوصول لهذا الحل ، ويبدو الترويجُ لأُوْبَامَا السلعةِ في سوق البوار العربي ، عملاً يرسخُ للصورةِ الذهنيةِ القديمةِ للتاجر المخادع الذي يحاولُ إقناع زبائنه بشراءِ سلعةٍ يبدو احتياجهم لها محلُ شكٍ كبير ، فيما بَدَتْ نفسُ السلعةِ ذات دلالةٍ ترويجيةٍ توجه بشكل مباشر لحساب الحاجة الملحة لِتقاعدِ الأب ،وتسليم مقاليدِ الحُكم للابن الذي يَحْكمُ ويتحكمُ فعليًا منذُ سنواتٍ ، عِندَمَا تناولَ عددٌ من الكتَّاب زيارةَ أُوْبَامَا وخِطابَه بالتحليل الموضوعي ،كمحاولةٍ جادة للبحث عن آفاق التغيير المُحْتَمَلة في سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة ، كَانتْ المُحَصِلةُ عِندَ الكثيرِ مِنْهُم هي صِفر ، خََرَجَ علينا بَوَاكِي أُوْبَامَا يُدَافِعُونَ عنه بالحق وبالباطل ، مِمَّا آثارَ العجبَ وطرحَ الكثيرَ من عَلامَات الاستفهام ، وخُصُوصًا أنَّ وطناً بِأسرِهِ ..... لا بَوَاكِي له .

هناك 3 تعليقات:

الكحيان يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
الكحيان يقول...

الكريم ماهر الشيال:

واضح أن باراك أوباما درس العرب جيدا قبل أن يأتيهم خطيبا فهو صناجة من الطراز الأول. ولقد أدرك جيدا أن العربي إن هو إلا أذن كبيرة تحملها كفان تحسنان التصفيق الحار المتواصل والافتداء بالأرواح والمهج.ومن هنا راح يلقي بالبهارات في خطبه ولم يمانع- وهو الذي أكد مسيحيته في الخطاب - من الاستشهاد بالآيات القرآنية والامتداح للحضارة الإسلامية. وإن كان قد استغنى عن كلمة الإرهاب واستبدل بها كلمتي التطرف والعنف.

أنا معك تماما ياسيدي في أن الأمر لا يعدو أن يكون هدنة لالتقاط الأنفاس ولا جديد في السياسة الأمريكية فالعلاقة مع اليهود كما هي والحديث عن عذابات اليهود ومحارقهم المزعومة مقدم - وبصيغة يقينية جازمة- عن الحديث عن اللقطاء من الفلسطنيين الذين ربما كان من حقهم المطالبة بوطن وعن مجازر غزة ومحارقها.

أوباما تعبير عن وجه من وجوه المصالح الأمريكية فلو اقتضت المصلحة الأمريكية أن يكون أوباما شيخا معمما يحمل المسبحة بيمينه وينطق بشهادة التوحيد ليل نهار فسيكون وسيحظى بتأييد الأمريكان جميعا؛ إذ لو فكر أوباما أن يكون أوباما وأن يعبر عن شخصيته هو في السياسة وأن يضع الأمور في نصابها فإما انه سيلقى حتفه في غموض وإما تلحقه فضيحة جنسية تطيح به وبمستقبله كما حدث مع رؤساء سابقين.

إن المحزن حقا أن المسلمين أخذهم الفرح من أقطارهم وعولوا كثيرا على هذه الزيارة وعلقوا عليها آمالا كبارا فقد ضاعت الكرامة والنخوة فيهم وضاع التاريخ الإسلامي المجيد .

أصبح المسلمون ذيولا في ساقة العالم ينتظرون أن يلقى إليهم بالفتات من موائد الأسياد عبيد الأمس. يرجون الخير والخلاص على يد دولة كافرة ظالمة فاسدة باغية يقودها زعيم أفعواني أسود مرتد عن الإسلام وإنا لله وإنا إليه راجعون .

ماهرالشيال يقول...

أخي وصديقي الكحيان حمدالله على سلامتك وأهلا بك من جديد مدونا مشاغبا متواصلا مع أصدقائك وأحبائك ، ولقد استفدت كثيرا من تعليقك الثري والذي يمكنك أن تلمح أصداءه في المقال الجديد والحقيقة يا أخي أن الذهنية العربية النخبوية المثقوبة تحيرني بشكل غير مسبوق وذلك لما تتمتع به من عته فطري واستهبال عضوي يرقي في جميع أحواله إلى شرفات الجنون المطبق هل رأيت يا أخي كيف تحول الحديث عن الرجل وخطابه إلى غزل غير عفيف من بعض من يتصدرون شاشات التلفزة أي مصيبة تلك ،كيف نستطيع أن نلمح من بين كل هذا الظلام الموحل بارقة أمل ... لا أخفي عليك أنا في غاية الإحباط .... تحياتي مجددا ودمت بخير .